responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 37
أَنْ تُذْكَرَ بِهِ، وَدَعْ مَا تُحِبُّ أَنْ يَدَعَكَ مِنْهُ، وَاعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُجَازَى بِالْإِحْسَانِ وَيُكَافَأُ.
وَقَالَ بَعْضُ قُضَاةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَدْ عَزَلَهُ لِمَ عَزَلْتَنِي؟ فَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّ كَلَامَكَ مَعَ الْخَصْمَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ كَلَامِ الْخَصْمَيْنِ، وَتَكَلَّمَ رَبِيعَةُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ الْكَلَامَ وَأَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَإِلَى جَنْبِهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لَهُ: يَا أَعْرَابِيُّ مَا تَعُدُّونَ الْبَلَاغَةَ؟ قَالَ: قِلَّةُ الْكَلَامِ قَالَ: فَمَا تَعُدُّونَ السَّعْيَ فِيكُمْ؟ قَالَ: مَا كُنْتَ فِيهِ مُنْذُ الْيَوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ.
عَجِبْتُ لِإِدْلَالِ الْعَيِيِّ بِنَفْسِهِ ... وَصَمْتِ الَّذِي قَدْ كَانَ بِالْقَوْلِ أَعْلَمَا
وَفِي الصَّمْتِ سَتْرٌ لِلْعَيِيِّ وَإِنَّمَا ... صَحِيفَةُ لُبِّ الْمَرْءِ أَنْ يَتَكَلَّمَا
وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَعِيبُ كَثْرَةَ الْكَلَامِ وَيَقُولُ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي النِّسَاءِ أَوْ الضُّعَفَاءِ، وَذَمَّ أَعْرَابِيٌّ رَجُلًا فَقَالَ هُوَ مِمَّنْ يَنْأَى الْمَجْلِسَ أَعْيَى مَا يَكُونُ عِنْدَ جُلَسَائِهِ، وَأَبْلَغُ مَا يَكُونُ عِنْد نَفْسِهِ وَقَالَ الْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ لِأَعْرَابِيٍّ مَا الْبَلَاغَةُ؟ فَقَالَ: الْإِيجَازُ فِي غَيْرِ عَجْزٍ، وَالْإِطْنَابُ فِي غَيْرِ خَطَلٍ.
وَقَالَ الْأَحْنَفُ الْبَلَاغَةُ الْإِيجَازُ فِي اسْتِحْكَامِ الْحُجَّةِ وَالْوُقُوفُ عِنْدَ مَا يُكْتَفَى بِهِ.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: لِرَجُلٍ كَثِيرٌ كَلَامُهُ: إنَّ الْبَلَاغَةَ لَيْسَتْ بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ، وَلَا بِخِفَّةِ اللِّسَانِ، وَلَا بِكَثْرَةِ الْهَذَيَانِ، وَلَكِنَّهُ إصَابَةُ الْمَعْنَى وَالْقَصْدُ إلَى الْحُجَّةِ، وَسُئِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ مَا الْبَلَاغَةُ؟ قَالَ: " الْقَصْدُ إلَى عَيْنِ الْحُجَّةِ بِقَلِيلِ اللَّفْظِ "، وَقِيلَ لِبَعْضِ الْيُونَانِيَّةِ مَا الْبَلَاغَةُ؟ قَالَ: " تَصْحِيحُ الْأَقْسَامِ، وَاخْتِيَارُ الْكَلَامِ "، وَقِيلَ لِرَجُلٍ مِنْ الرُّومِ مَا الْبَلَاغَةُ؟ فَقَالَ: " حُسْنُ الِاقْتِصَادِ عِنْدَ الْبَدِيهَةِ، وَإِيضَاحُ الدَّلَالَةِ، وَالْبَصَرُ بِالْحُجَّةِ، وَانْتِهَازُ مَوْضِعِ الْفُرْصَةِ "، وَفِي الْخَبَرِ الْمَأْثُورِ " الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي ثَلَاثٍ: السُّكُوتِ، وَالْكَلَامِ، وَالنَّظَرِ، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ سُكُوتُهُ فِكْرَةً، وَكَلَامُهُ حِكْمَةً، وَنَظَرُهُ عِبْرَةً ".
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي كَثْرَةِ الْكَلَامِ وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. أَعْمَالُهُمْ أَبَدًا يَتَكَلَّمُونَ وَلَا يَصْمُتُونَ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِنَّ لِسَانَ الْمَرْءِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَصَاةٌ عَلَى عَوْرَاتِهِ لَدَلِيلُ

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست