responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 349
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْكُتَّابِ الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ الْعِلْمَ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ فَرَأْيُكَ وَبَيْنَ إنْ رَأَيْتَ وَجَعَلَ فَرَأْيُكَ لَا يَكْتُبُ بِهَا إلَّا جَلِيلٌ لَهُ أَمْرٌ، فَقَالَ مَا أَعْجَبَ هَذَا؟ أَتَرَاهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُخَاطِبُ الرَّجُلَ الْجَلِيلَ فَيَقُولُ: اُنْظُرْ فِي أَمْرِي فَيَكُونُ لَفْظُهُ لَفْظَ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ السُّؤَالُ وَالطَّلَبُ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَجَعَلُوا أَعَزَّكَ اللَّهُ أَجَلَّ مِنْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ وَهُوَ مِنْ الِاصْطِلَاحِ الْمُحْدَثِ، قَالَ وَمِنْ الْمُسْتَقِيمِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَدْعُوَ لَهُ وَيَشْتُمَهُ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ.

ثُمَّ ذَكَرَ اصْطِلَاحَاتٍ فِي الْمُكَاتَبَاتِ وَالْأَدْعِيَةِ إلَى أَنْ قَالَ: إنَّهُ يُسْتَحْسَنُ مَعَ الرُّؤَسَاءِ الْإِيجَازُ وَالِاخْتِصَارُ لِأَنَّ الْإِكْثَارَ يُضْجِرُهُمْ حَتَّى رُبَّمَا يُصَيِّرُهُمْ إلَى اسْتِقْبَاحِ الْحَسَنِ مِمَّا يُكَاتَبُونَ بِهِ وَالرَّدِّ عَمَّا يُسْأَلُونَ، وَإِنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضِ الْخُلَفَاءِ يُعَزِّيهِ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ عَرَفَ حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ مَنْ عَظَّمَ حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا أَبْقَاهُ لَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَجْرَ الصَّابِرِينَ فِيمَا يُصَابُونَ أَعْظَمُ مِنْ النِّعْمَةِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يُعَافُونَ فِيهِ. وَعَنْ الْمَأْمُونِ سَمِعْتُ الرَّشِيدَ يَقُولُ: الْبَلَاغَةُ: التَّبَاعُدُ عَنْ الْإِطَالَةِ، وَالتَّقَرُّبُ مِنْ مَعْنَى الْبُغْيَةِ، وَالدَّلَالَةُ بِالْقَلِيلِ مِنْ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى. وَكَتَبَ الْحَسَنُ بْنُ وَهْبٍ إلَى مَالِكِ بْنِ طَوْقٍ فِي ابْنِ أَبِي الشِّيصِ الشَّاعِرِ: كِتَابِي إلَيْكَ كِتَابٌ خَطَطْتُهُ بِيَمِينِي، وَفَرَّغْتُ لَهُ ذِهْنِي، فَمَا ظَنُّكَ بِحَاجَةٍ هَذَا مَوْقِعُهَا مِنِّي؟ أَتَرَانِي أَقْبَلُ الْعُذْرَ فِيهَا أَوْ أُقَصِّرُ الشُّكْرَ عَلَيْهَا. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: إنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ يَكُونَ كَلَامُكُمْ مِثْلَ التَّوْقِيعِ فَافْعَلُوا.
وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ مِنْ مُجَانَسَةِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْبَلَاغَةِ قَوْلُ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ كَثِيرًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَنَا بَيْنَ نِعْمَةٍ وَذَنْبٍ فَأَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى النِّعْمَةِ وَأَسْتَغْفِرُهُ مِنْ الذَّنْبِ. وَاعْتَذَرَ رَجُلٌ إلَى سُلَيْمَانَ بْنِ وَهْبٍ فَأَكْثَرَ فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: حَسْبُكَ فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَا يُحَاسَبُ وَالْعَدُوَّ لَا يَحْتَسِبُ لَهُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لَا يُرَى الْجَاهِلُ إلَّا مُفْرِطًا أَوْ مُفَرَّطًا، وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي حَمْدًا وَمَجْدًا، فَإِنَّهُ لَا حَمْدَ إلَّا بِفِعَالٍ وَلَا مَجْدَ إلَّا بِمَالٍ، اللَّهُمَّ إنَّهُ لَا يَسَعُنِي الْقَلِيلُ وَلَا أَسَعُهُ. وَقَالَ عِنْدَ وَفَاتِهِ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ إذْ كُنْتُ أَعْصِيكَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُطِيعُكَ

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست