responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 260
وَلَا يَجُوزُ لَوْمُ التَّائِبِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - احْتَجَّ بِالْقَدْرِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِالْقَدْرِ عَلَى الذَّنْبِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَسَائِرِ الْعُقَلَاءِ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْفُرْقَانِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ ضَلَّتْ بِهِ طَائِفَتَانِ طَائِفَةٌ كَذَّبَتْ بِهِ لِمَا ظَنُّوا أَنَّهُ يَقْتَضِي رَفَعَ الذَّمِّ وَالْعِقَابِ عَمَّنْ عَصَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِأَجْلِ الْقَدَرِ، وَطَائِفَةٌ شَرٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ جَعَلُوهُ حُجَّةً لِأَهْلِ الْحَقِيقَةِ الَّذِينَ شَهِدُوهُ أَوْ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ أَنَّ لَهُمْ فِعْلًا. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إنَّمَا حَجَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ لِأَنَّهُ قَدْ تَابَ أَوْ لِأَنَّ الذَّنْبَ كَانَ فِي شَرِيعَةٍ، وَاللَّوْمَ فِي أُخْرَى، أَوْ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ، وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ، وَلَكِنْ وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَلُمْ إيَّاهُ إلَّا لِأَجْلِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي لَحِقَتْهُمْ مِنْ أَجْلِ أَكْلِهِ مِنْ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: لِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَكَ مِنْ الْجَنَّةِ، لَمْ يَلُمْهُ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَتَابَ مِنْهُ فَإِنَّ مُوسَى يَعْلَمُ أَنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ لَا يُلَامُ، وَلَوْ كَانَ آدَم يَعْتَقِدُ رَفْعَ الْمُلَامَ عَنْهُ لِأَجْلِ الْقَدَرِ لَمْ يَقُلْ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] .
وَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ عِنْدَ الْمَصَائِبِ أَنْ يَصْبِرَ وَيُسَلِّمَ، وَعِنْدَ الذُّنُوبِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ وَيَتُوبَ قَالَ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: 55] : فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ، وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ الْمَعَائِبِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَهُوَ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذَّنْبَ الْمَاضِي يُلَامُ صَاحِبُهُ وَيُنْكَرُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتُبْ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَرُّوذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِمْ فِي الطُّنْبُورِ وَوِعَاءِ الْخَمْرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يَكُونُ مُغَطًّى لَا نَعْرِضُ لَهُ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يُنْكِرُهُ وَيُتْلِفُهُ.

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست