اسم الکتاب : الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل المؤلف : رقية المحارب الجزء : 1 صفحة : 22
4- قيامُ الليلِ يورثُ صاحبَه لذةً في القلبِ، وقد حكى ذلك كثيرٌ من السلف: قال ابنُ المنكدرِ: ما بقي من لذَّاتِ الدُّنيا إلا ثلاثٌ: قيامُ الليلِ، ولقاءُ الأخوانِ، والصلاةُ في جماعةٍ. وقال أبو سليمانَ –رحمه اللهُ-: أهلُ الدُّنيا في ليلِهم ألذُّ من أهلِ اللَّهوِ في لهوِهم، ولولا الليلُ ما أحببتُ البقاءَ في الدُّنيا. وقال آخرُ: لو يعلمُ الملوكُ ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف. وقال آخر: إن لي وردًا بالليل لو تركته لخارت قواي. قال الغزالي-رحمه الله- في بيان ما يعود على قائم الليل من اللَّذة: "وأما النقل فيشهد له أحوالُ قوّام الليل في تلذذهم بقيام الليل واستقصارِهم له كما يستقصرُ المحبُّ ليلةَ وصالِ الحبيب، حتى قيل لبعضهم: كيف أنت والليل؟ قال: ماراعيته فقط يريني وجهه ثم ينصرف وما تأملتُه بعدُ. وقال آخر: أنا والليل فرسا رهان؛ مرة يسبقني إلى الفجر، ومرة يقطعني عن الفكر، وقيل لبعضهم: كيف الليل عليك؟ فقال: ساعة أنا فيها بين حالتين، أفرح بظلمته إذا جاء وأغتم بفجره إذا طلع ما تم فرحي به قط. وقال علي ابن بكار: منذ أربعين سنة ما أحزنني شيء سوى طلوع الفجر، قال الفضيل بن عياض: إذا غربتْ الشمسُ فرحتُ بالظلام لخلوتي بربي، وإذا طلعتْ حزنتُ لدخول الناس عليّ" [1] .
5- صاحبُ قيامِ الليلِ يصبحُ طيِّبَ النفسِ نشيطًا يُعان على عملِه سائرَ يومِه. قال رسولُ اللهِ –صلى اللهُ عليه وسلم-: (يعقد الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم إذا هو نام ثلاثَ عقدٍ، يضرب مكانَ كلِّ عقدةٍ: عليك ليلٌ طويلٌ فارقد، فإن استيقظ ذكرَ اللهَ انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدةٌ، فإن صلى انحلت عقدةٌ، فأصبح نشيطاً طيبَ النفسِ، وإلا أصبح خبيثَ النفسِ كسلانَ) متفق عليه. [1] إحياء علوم الدين
اسم الکتاب : الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل المؤلف : رقية المحارب الجزء : 1 صفحة : 22