اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 204
النتيجة التي لا يصرح القرآن بها في كثير من الأحيان، بل يشير إليها ويترك للعقل معرفتها، فعندما ضرب الله مثلا للحق والباطل[1] وصف المشبه به "الماء والسيل، والزبد، وما ينفع الناس فيمكث في الأرض، وما يذهب جفاء"، ثم اكتفى بإشارة سريعة إلى النتيجة: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ} [الرعد: 13/ 17] ، وترك العقل أن يكتشف أن الحق يبقى وأن الباطل يذهب جفاء، كما يذهب الزبد بعد انتهاء السيل، ويشعر الإنسان بلذة الظفر بالوصول إلى اكتشاف "اللغز" الذي أشارت إليه الآية، وقد يشعر بلذة "المفارقة"، والسخرية بالباطل كما في المثل: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 22/ 73] .
د- الأمثال القرآنية والنبوية دوافع تحرك العواطف والوجدان، فيحرك الوجدان الإرادة، ويدفعها إلى عمل الخيرات واجتناب المنكرات، وبهذا تساهم الأمثال في تربية الإنسان على السلوك الخير وتهذيب نزعاته الشريرة، فتستقيم حياة الأفراد والمجتمعات، وتسير الأمة الإسلامية سيرتها نحو حضارة مثلى تحقق للإنسانية الرخاء والعدالة، والتحرر من كل خرافة أو ظلم، ويجب على المربي العمل على تحقيق هذا الجانب من تربية السلوك والإرادة الطيبة، والنزوع إلى الخير؛ وذلك باستحضار الأمثال القرآنية في المواقف الحياتية، والنشاطية المدرسية المناسبة، والتعقيب عليها بذكر نتائجها السلوكية، والاجتماعية الطيبة بأسلوب يقوي إرادة الخير عند الطلاب، ويحقق عزمهم على توجيه سلوكهم بما تقتضيه أمثال القرآن وتعاليمه.
فالأمثال القرآنية والنبوية سلاح "بلاغي، عاطفي، عقلي" ماض، بليغ الأثر، عظيم النتائج، جم الفائدة.
وقد وردت في القرآن عشرات الأمثال، وكذلك في السنة ويكفي الباحث أن يفتح أحد المعاجم المفهرسة لآيات القرآن على مادة "مثل" ليجد منبعا زاخرا بالأمثال البليغة المؤثرة، والتشابيه الطريفة المثيرة للانفعالات، والعاطفة والوجدان.
أما الأمثال النبوية فكثيرة مستفيضة، ولكنها تحتاج إلى تتبع وصبر، وأن يعيش الباحث مع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم شطرا من عمره ليحصي منها ما يريد. [1] أوردنا قبل قليل آيات هذا المثل كاملة، وشرحناها شرحا تربويا.
اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 204