responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 117
ممزوجا بكل ظروف الحياة الاجتماعية، العائلية منها والدينية والاقتصادية والحربية، والسلمية والمهنية من زراعية وصناعية.
واشتق من المعابد أماكن ملحقة بها تخصص لتخريج مختصين بالدعوة إلى الدين ينقطعون للعبادة، ويزهدون بالدنيا، وقد ذكر لنا القرآن هذه الفئة من الدعاة بقوله تعالى مشيرا إلى أتباع رسول الله عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام:
{وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 57/ 27] .
وهكذا كانت المعابد النواة الأولى للمدارس أو للتربة المقصودة، وكان رسل الله وأتباعهم المخلصون، الدعاة إلى دين الله، هم المعلمون الأوائل في هذه البشرية[1].
وقد وردت في القرآن إشارات إلى تربية بعض الرسل لأبنائهم، وما علموهم من توحيد الله وعبادته، كوصية يعقوب لبنيه، ووصية إبراهيم من قبله: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 2/ 132-133] .
كما وردت إشارة إلى تربية بعض الصالحين لأبنائهم كوصية لقمان لابنه، وهو يعظه "سورة لقمان": [الآيات: من 13 حتى 19] .
ووردت إشارات كثيرة إلى حو ار طويل دار بين كل نبي وقومه، مثل: "نوح" و"شعيب" و"إبراهيم" و"موسى" و"صالح" و"لوط" حتى آمن من آمن، وكل هذه المحاولات يمكن اعتبارها مواقف تربوية، سنبسط بعضها عند ذكر "الطريقة الحوارية" في "أساليب التربية الإسلامية" في تمام هذا الباب إن شاء الله.
والذي يهمنا هنا هو مواقف هؤلاء الرسل التربوية، وما تبعهم عليه أتباعهم من أساليب الدعوة والتبشير بالدين، وما خصصوا من أماكن لتعليم الدين.
وهكذا استمر انتشار "دور التربية الدينية"، وكان ذلك بين مد وجزر؛ لأن الصراع كان دائما بين الكفر والإيمان، بين السحرة[1] والكهان والعرافين، يربون الناس على الباطل، والخرافات الوثنية، وبين الرسل وأتباعهم يربون الناس على التفكير الصحيح، وتوحيد الله، والحرية والمسئولية والكرامة الإنسانية، والعدل، والإحسان، وتعليل الأمور تعليلا منطقيا بعيدا عن الخرافة والشرك، كما رأينا في "أسس التربية الإسلامية" في فصل سابق.

[1] ولا حاجة إلى اعتبار ما يسمونه "مدرسة القبيلة"، واتخاذ دور "الكهان" أو "العرافين" فيها: نواة لنشوء المدرسة؛ لأن الأخبار عن القبائل متناقضة ضعيفة السند في هذا الشأن بينما تجمع الأخبار الصحيحة من الأديان السماوية على ما ذهبنا إليه إجماعا لا يرقى إليه الشك، والوحي أقدم من الكهانة، والعرافة بصريح القرآن.
اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست