responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 70
عُلُوم الِاجْتِهَاد الَّتِي يفتتحها الطّلبَة بِهَذَا الْعلم
فَمن كَانَ على هَذِه الصّفة وبهذه الْمنزلَة لَا يَأْتِي إرشاده إِلَى تعلم عُلُوم الِاجْتِهَاد بفائدة وَأحسن مَا يَسْتَعْمِلهُ مَعَه من يُرِيد تقليل تعصبه وَدفع بعض مَا قد تَغَيَّرت بِهِ فطرته هُوَ أَن ينظر الْعَالم من عمل بذلك الدَّلِيل الَّذِي هُوَ الْحق من قدماء المقلدين فيذكرهم أَنه قد خَالف إمَامهمْ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة فلَان وَفُلَان مِمَّن هُوَ فِي طبقته أَو أعلا طبقَة مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ بِالْحَقِّ أولى من الْمُخَالفين لَهُ فَإِن قبل ذهنهم هَذَا فقد انْفَتح بَاب العلاج للطبيب لِأَنَّهُ ينْتَقل مَعَهم من ذَلِك إِلَى مَا اسْتدلَّ بِهِ أمامهم وَمَا اسْتدلَّ بِهِ من خَالفه وينتقل مِنْهُ إِلَى وُجُوه التَّرْجِيح مبتدئا بِمَا هُوَ أقرب إِلَى قبُول فهم ذَلِك العليل ثمَّ يَنْقُلهُ من مرتبَة إِلَى مرتبَة حَتَّى يسْتَعْمل من الدَّوَاء مَا يقلل تِلْكَ الْعلَّة فَإِنَّهُ إِذا أدْرك العليل ذهَاب شئ مِنْهَا حصل لَهُ بعض نشاط يحملهُ على قبُول مَا يذهب بالبقية
وَلَكِن مَا أقل من يقبل شَيْئا من هَذِه الْأَدْوِيَة فَإِنَّهُ قد ارتكز فِي ذهن غَالب هَؤُلَاءِ إِن الصِّحَّة والسلامة لَهُم هِيَ فِي نفس الْعلَّة الَّتِي قد تمكنت من أذهانهم فسرت إِلَى قُلُوبهم وعقولهم وأشربوا من حبها زِيَادَة على مَا يجده الصَّحِيح عَن الْعلَّة من محبَّة مَا هُوَ فِيهِ من الصِّحَّة والعافية وَسبب ذَلِك أَنهم اعتقدوا أَن إمَامهمْ الَّذِي قلدوه لَيْسَ فِي عُلَمَاء الْأمة من يُسَاوِيه أَو يدانيه ثمَّ قبلت عُقُولهمْ هَذَا الِاعْتِقَاد الْبَاطِل وَزَاد بِزِيَادَة الْأَيَّام والليالي حَتَّى بلغ إِلَى حد يتسبب عَنهُ أَن جَمِيع أَقْوَاله صَحِيحَة جَارِيَة على وفْق الشَّرِيعَة لَيْسَ فِيهَا خطأ وَلَا ضعف وَأَنه أعلم النَّاس فِي الْأَدِلَّة الْوَارِدَة فِي الْكتاب وَالسّنة على وَجه لَا يفوت عَلَيْهِ مِنْهَا شئ وَلَا تخفى مِنْهَا خافية فَإِذا أسمعوا دَلِيلا فِي كتاب الله أَو سنة رَسُوله قَالُوا لَا كَانَ هَذَا راجحا على مَا ذهب إِلَيْهِ إمامنا لذهب إِلَيْهِ وَلم يتْركهُ لكنه تَركه لما هُوَ أرجح مِنْهُ عِنْده فَلَا يرفعون لذَلِك رَأْسا وَلَا يرَوْنَ بمخالفته بَأْسا وَهَذَا صَنِيع قد اشْتهر عَنْهُم وَكَاد أَن يعمهم قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر على اخْتِلَاف الْمذَاهب وتباين النَّحْل فَإِذا قَالَ لَهُم الْقَائِل اعْمَلُوا بِهَذِهِ الْآيَة القرآنية أَو بِهَذَا الحَدِيث الصَّحِيح قَالُوا لست أعلم من إمامنا حَتَّى نتبعك وَلَو كَانَ هَذَا كَمَا تَقول لم يُخَالِفهُ من قلدناه فَهُوَ

اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست