responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 59
وَقد وَقع مَعَ جمَاعَة من السّلف من هَذَا الْجِنْس مَالا يَأْتِي عَلَيْهِ الْحصْر وَصَارَ ذَلِك مَذَاهِب تروى وأقوال تحكى كَمَا يعرف ذَلِك من يعرف
حب الْقَرَابَة والتعصب للأجداد

وَمن الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة للتعصب أَن يكون بعض سلف المشتغل بِالْعلمِ قد قَالَ بقول وَمَال إِلَى رأى فَيَأْتِي هَذَا الَّذِي جَاءَ بعده فيحمله حب الْقَرَابَة على الذّهاب إِلَى ذَلِك الْمَذْهَب وَالْقَوْل بذلك القَوْل وَإِن كَانَ يعلم أَنه خطأ
وَأَقل الْأَحْوَال إِذا لم يذهب إِلَيْهِ أَن يَقُول فِيهِ إِنَّه صَحِيح ويتطلب لَهُ الْحجَج ويبحث عَن مَا يقويه وَإِن كَانَ بمَكَان من الضعْف وَمحل من السُّقُوط وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا حَظّ وَلَا مَعَه فَائِدَة إِلَّا مُجَرّد المباهاة لمن يعرفهُ والتزين لأَصْحَابه بِأَنَّهُ فِي الْعلم معرق وان بَيته قديم فِيهِ
وَلِهَذَا ترى كثيرا مِنْهُم يستكثر من قَالَ جدنا قَالَ والدنا وَاخْتَارَ كَذَا صنع كَذَا فعل كَذَا وَهَذَا لَا شكّ أَن الطباع البشرية تميل إِلَيْهِ وَلَا سِيمَا طبائع الْعَرَب فَإِن الْفَخر بالأنساب والتحدث بِمَا كَانَ للسلف من الأحساب يَجدونَ فِيهِ من اللَّذَّة مَا لَا يجدونه فِي تعدد مَنَاقِب أنفسهم ويزداد هَذَا بِزِيَادَة شرف النَّفس وكرم العنصر ونبالة الْآبَاء وَلَكِن لَيْسَ من الْمَحْمُود أَن يبلغ بِصَاحِبِهِ إِلَى التعصب فِي الدّين وتأثير الْبَاطِل على الْحق فَإِن اللَّذَّة الَّتِي يطْلبهَا والشرف الَّذِي يُريدهُ قد حصل لَهُ بِكَوْن من سلفه ذَلِك الْعَالم وَلَا يضيره أَن يتْرك التعصب لَهُ وَلَا يمحق عَلَيْهِ شرفه بل التعصب مَعَ كَونه مُفْسِدا للحظ الأخروي يفْسد عَلَيْهِ أَيْضا الْحَظ الدنيوي فَإِنَّهُ إِذا تعصب لسلفه بِالْبَاطِلِ فَلَا بُد أَن يعرف كل من لَهُ فهم أَنه متعصب وَفِي ذَلِك عَلَيْهِ من هدم الرّفْعَة الَّتِي يريدها والمزية الَّتِي يطْلبهَا مَا هُوَ أعظم عَلَيْهِ وَأَشد من الْفَائِدَة الَّتِي يطْلبهَا بِكَوْن لَهُ قريب عَالم فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعهُ صَلَاح غَيره مَعَ فَسَاد نَفسه وَإِذا لم يعْتَقد فِيهِ السَّامع التعصب اعْتقد بِلَاده الفهمُ

اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست