responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 167
مَا يصغر قدر الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ فَإِذا نَالَ ذَلِك المنصب ضرب بالدفاتر وَجه الْحَائِط وَأَلْقَاهَا خلف الصُّور لعدم الْبَاعِث عَلَيْهَا من جِهَة نَفسه والمنشط على الْعلم والمرغب فِيهِ
فَهَذَا هُوَ شَبيه بِمن يتَعَلَّم مهنة من المهن ويتدرب فِي حِرْفَة من الْحَرْف فيقصد أَهلهَا حَتَّى يُدْرِكهَا وَيكون فِيهَا أستاذا ثمَّ يذهب إِلَى دكان من الدكاكين فيعتاش بِتِلْكَ الحرفة
وَلَيْسَ هُوَ من أهل الْعلم فِي ورد وَلَا صدر وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون معدودا مِنْهُم وَإِن ارتسم فِي ذهنه مِنْهُ رسوم فَهُوَ من أزهد النَّاس فِيهَا وأجفاهم لَهَا وَأَقلهمْ احتفالا بهَا وَلَا فَائِدَة فِي تعلمه رَاجِعَة إِلَى الدّين قطّ بل غَايَة مَا استفاده مِنْهُ الْعلم وَأَهله تعريضه وتعريضهم للإهانة عِنْد أهل الدُّنْيَا وإيقاعه وإيقاعهم فِي يَد من لَا يعرف للْعلم قدرا وَلَا يرفع لَهُ ذكرا وَلَا يُقيم لَهُ وزنا كَمَا يُشَاهد من المتعلقين بِالْأَعْمَالِ الدولية فَإِنَّهُم يتلاعبون بطلبة المناصب الدُّنْيَوِيَّة غَايَة التلاعب ويعرضونهم للإهانة مرّة بعد أُخْرَى ويتلذذون بذلك ويبتهجون لأَنهم يظنون أَنَّهَا قد ارْتَفَعت طبقتهم عَن طَبَقَات أهل الْعلم وحكموا تَارَة فيهم بِالْولَايَةِ وَتارَة بِالْعَزْلِ وتمرغوا على عتابتهم مرّة بعد مرّة فبهذه الْوَسِيلَة دخل على أهل الْعلم بِمَا يصنعه هَؤُلَاءِ من هَذِه الهنات الوضيعة والفعلات الشنيعة مَا تبْكي عُيُون الْعلم وَأَهله وَتقوم عَلَيْهِ النواعي ويغضب لَهُ كل من لَهُ حمية دينة وهمة علية وَلَو علم أُولَئِكَ المغرورون لم يبتهجوا بِمن قصدهم من هَؤُلَاءِ النوكاء فَإِنَّهُم لَيْسُوا من أهل الْعلم وَلَا بَينهم وَبينهمْ علاقَة وَلَا فرق بَينهم وَبَين من يطْلب الْأَعْمَال الدولية الَّتِي لَا تعلق لَهَا بِالْعلمِ
وَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة تنازل منصب الْعلم وتهاون النَّاس بِهِ لأَنهم يرَوْنَ رجلا قد لبس لِبَاس أهل الْعلم وتزين بزيهم وَحضر مجَالِسهمْ ثمَّ ذهب إِلَى مجَالِس أهل الدُّنْيَا وَمن لَهُم قدرَة على إِيصَال أهل الْأَعْمَال الدُّنْيَوِيَّة إِلَيْهَا من وَزِير أَو أَمِير فتصاغر لَهُم وتذلل وتهاون وتحقر حَتَّى يصير فِي عداد خدمهم

اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست