responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 132
الْبَيَان لَهُ إِلَّا على وَجه الْإِجْمَال بِأَن يُقَال إِن أحد النَّوْعَيْنِ قد الْتحق بالدواب وَالْآخر بِالْمَلَائِكَةِ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد سعى سعيا شابه من الْتحق بِهِ فَإِن الدَّابَّة يستعملها مَالِكهَا فِي مَصَالِحه وَيقوم بطعامها وشرابها وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ
وَمَعَ هَذَا فَمن نظر فِي الْأَمر بِعَين البصيرة وتأمله حق التَّأَمُّل وجد عَيْش من شغل نَفسه بِالطَّاعَةِ وفرغها للْعلم وَلم يلْتَفت إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجة من أَمر دُنْيَاهُ تَجدهُ أرفه وحاله أقوم وسروره أتم وَتلك حِكْمَة الله الْبَالِغَة الَّتِي يتَبَيَّن عِنْدهَا أَنه لن يعدو الْمَرْء مَا قدر لَهُ وَلنْ يفوتهُ مَا كَانَ يُدْرِكهُ
وكما أَن هَذَا الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ ثَابت فِي الشَّرِيعَة مُصَرح بِهِ فِي غير موطن مِنْهَا قد أجراه الله على لِسَان الْجَبَابِرَة من عباده وعتاة أمته حَتَّى قَالَ الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ فِي بعض خطبه مَا مَعْنَاهُ أَيهَا النَّاس إِن الله كفانا أَمر الرزق وأمرنا بِالْعبَادَة فسعينا لما كفيناه وَتَركنَا السَّعْي للَّذي أمرنَا بِهِ فليتنا أمرنَا بِطَلَب الرزق وكفينا الْعِبَادَة حَتَّى نَكُون كَمَا أَرَادَهُ الله منا هَذَا معنى كَلَامه لَا لَفظه فَلَمَّا بلغ كَلَامه هَذَا بعض السّلف المعاصرين لَهُ قَالَ إِن الله لَا يخرج الْفَاجِر من هَذِه الديار وَفِي قلبه حِكْمَة ينْتَفع بهَا الْعباد إِلَّا أخرجهَا مِنْهُ وَإِن هَذَا مَا أخرجه من الْحجَّاج
فَانْظُر هَذَا الْجَبَّار كَيفَ لم يخف عَلَيْهِ هَذَا الْأَمر مَعَ مَا هُوَ فِيهِ من التجبر وَسَفك الدِّمَاء وهتك الْحرم والتجرؤ على الله وعَلى عباده وتعدي حُدُوده فَمَا أحقه بِأَن لَا يخفى على من هُوَ أَلين مِنْهُ قلبا وَأَقل مِنْهُ ظلما وأخف مِنْهُ تجبرا وَأقرب مِنْهُ من خير وَأبْعد مِنْهُ من شَرّ
وَإِن من تصور هَذَا الْأَمر حق التَّصَوُّر وتعقله كَمَا يَنْبَغِي انْتفع بِهِ انتفاعا عَظِيما ونال بِهِ من الْفَوَائِد جسيما وَالْهِدَايَة بيد الْهَادِي جلّ جَلَاله وتقدست أسماؤه

اسم الکتاب : أدب الطلب ومنتهى الأدب المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست