responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 347
قَالَ: «مَا وَقَى بِهِ الْمَرْءُ عِرْضَهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ» . وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ذُبُّوا بِأَمْوَالِكُمْ عَنْ أَحْسَابِكُمْ.
وَامْتَدَحَ رَجُلٌ الزُّهْرِيَّ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتُعْطِي عَلَى كَلَامِ الشَّيْطَانِ؟ فَقَالَ: مَنْ ابْتَغَى الْخَيْرَ اتَّقَى الشَّرَّ. وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَرَادَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَلْيُعْطِ الشُّعَرَاءَ» . وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ سَاتِرٌ يَسْتُرُ بِهِ مَا ضَمِنَ مِنْ مَدْحٍ أَوْ هِجَاءٍ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قِيلَ: لَا تُؤَاخِ شَاعِرًا فَإِنَّهُ يَمْدَحُك بِثَمَنٍ وَيَهْجُوك مَجَّانًا، وَلِاسْتِكْفَافِ السُّفَهَاءِ بِالْإِفْضَالِ شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُخْفِيَهُ حَتَّى لَا يَنْتَشِرَ فِيهِ مَطَامِعُ السُّفَهَاءِ فَيَتَوَصَّلُونَ إلَى اجْتِذَابِهِ بِسَبِّهِ، وَإِلَى مَالِهِ بِثَلْبِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَطَلَّبَ لَهُ فِي الْمُجَامَلَةِ وَجْهًا وَيَجْعَلَهُ فِي الْإِفْضَالِ عَلَيْهِ سَبَبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى أَنَّهُ عَلَى السَّفَهِ وَاسْتِدَامَةِ الْبَذَاءِ.
وَاعْلَمْ أَنَّك مَا حَيِيتَ مَلْحُوظُ الْمَحَاسِنِ مَحْفُوظُ الْمَسَاوِئِ. ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ حَدِيثٌ مُنْتَشِرٌ لَا يُرَاقِبُك صَدِيقٌ، وَلَا يُحَامِي عَنْك شَقِيقٌ، فَكُنْ أَحْسَنَ حَدِيثٍ يُنْشَرُ يَكُنْ سَعْيُك فِي النَّاسِ مَشْكُورًا، وَأَجْرُك عِنْدَ اللَّهِ مَذْخُورًا. فَقَدْ رَوَى زِيَادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مَيْمُونٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» . فَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْفَصْلُ مِنْ شُرُوطِ الْمُرُوءَةِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ شُرُوطِهَا وَمَا اتَّصَلَ بِحُقُوقِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي آدَابّ مَنْثُورَة]
آدَابٌ مَنْثُورَةٌ الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي آدَابٍ مَنْثُورَةٍ: اعْلَمْ أَنَّ الْآدَابَ مَعَ اخْتِلَافِهَا بِتَنَقُّلِ الْأَحْوَالِ وَتَغَيُّرِ الْعَادَاتِ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهَا، وَلَا يُقْدَرُ عَلَى حَصْرِهَا، وَإِنَّمَا يَذْكُرُ كُلُّ إنْسَانٍ مَا بَلَغَهُ الْوُسْعُ مِنْ آدَابِ زَمَانِهِ، وَاسْتَحْسَنَ بِالْعُرْفِ مِنْ عَادَاتِ دَهْرِهِ، وَلَوْ أَمْكَنَ ذَلِكَ لَكَانَ الْأَوَّلُ قَدْ أَغْنَى الثَّانِيَ عَنْهَا، وَالْمُتَقَدِّمُ

اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست