responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 246
وَمِنْهَا الْأَمْرَاضُ الَّتِي يَتَغَيَّرُ بِهَا الطَّبْعُ مَا يَتَغَيَّرُ بِهَا الْجِسْمُ، فَلَا تَبْقَى الْأَخْلَاقُ عَلَى اعْتِدَالٍ وَلَا يُقْدَرُ مَعَهَا عَلَى احْتِمَالٍ.
وَقَدْ قَالَ الْمُتَنَبِّي:
آلَةُ الْعَيْشِ صِحَّةٌ وَشَبَابُ ... فَإِذَا وَلَّيَا عَنْ الْمَرْءِ وَلَّى
وَإِذَا الشَّيْخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَلَّ ... حَيَاةً وَإِنَّمَا الضَّعْفَ مَلَّا
وَإِذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ النَّاسِ كُفُئًا ... ذَاتَ خِدْرٍ أَرَادَتْ الْمَوْتَ بَعْلَا
أَبَدًا تَسْتَرِدُّ مَا تَهَبُ الدُّنْيَا ... فَيَا لَيْتَ جُودَهَا كَانَ بُخْلَا
وَمِنْهَا عُلُوُّ السِّنِّ وَحُدُوثُ الْهَرَمِ لِتَأْثِيرِهِ فِي آلَةِ الْجَسَدِ كَذَلِكَ يَكُونُ تَأْثِيرُهُ فِي أَخْلَاقِ النَّفْسِ، فَكَمَا يَضْعُفُ الْجَسَدُ عَنْ احْتِمَالِ مَا كَانَ يُطِيقُهُ مِنْ أَثْقَالٍ فَكَذَلِكَ تَعْجِزُ النَّفْسُ عَنْ أَثْقَالِ مَا كَانَتْ تَصْبِرُ عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْوِفَاقِ، وَمَضِيقِ الشِّقَاقِ. وَكَذَلِكَ مَا ضَاهَاهُ.
وَقَالَ مَنْصُورٌ النَّمَرِيُّ:
مَا كُنْتُ أُوفِي شَبَابِي كُنْهَ عِزَّتِهِ ... حَتَّى مَضَى فَإِذَا الدُّنْيَا لَهُ تَبَعُ
أَصْبَحْتُ لَمْ تُطْعِمِي ثُكْلَ الشَّبَابِ وَلَمْ ... تَشْجَيْ لِغُصَّتِهِ فَالْعُذْرُ لَا يَقَعُ
مَا كَانَ أَقْصَرَ أَيَّامِ الشَّبَابِ وَمَا ... أَبْقَى حَلَاوَةَ ذِكْرَاهُ الَّتِي تَدَعُ
مَا وَاجَهَ الشَّيْبُ مِنْ عَيْنٍ وَإِنْ رَمَقَتْ ... إلَّا لَهَا نَبْوَةٌ عَنْهُ وَمُرْتَدَعُ
قَدْ كِدْت تَقْضِي عَلَى فَوْتِ الشَّبَابِ أَسًى ... لَوْلَا يُعَزِّيك أَنَّ الْعُمْرَ مُنْقَطِعُ
فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَسْبَابٍ أَحْدَثَتْ سُوءَ خُلُقٍ كَانَ عَامًّا. وَهَا هُنَا سَبَبٌ خَاصٌّ يُحْدِثُ سُوءَ خُلُقٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْبُغْضُ الَّذِي تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ فَتُحْدِثُ نُفُورًا عَلَى الْمُبْغَضِ، فَيَؤُولُ إلَى سُوءِ خُلُقٍ يَخُصُّهُ دُونَ غَيْرِهِ. فَإِذَا كَانَ سُوءُ الْخُلُقِ حَادِثًا بِسَبَبٍ كَانَ زَوَالُهُ مَقْرُونًا بِزَوَالِ ذَلِكَ السَّبَبِ، ثُمَّ بِالضِّدِّ.

اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست