responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 185
لِلذَّمِّ مُسْتَوْجِبًا. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180]
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَقْسَمَ اللَّهُ بِعِزَّتِهِ لَا يُجَاوِرُهُ بَخِيلٌ» . وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «طَعَامُ الْجَوَادِ دَوَاءٌ، وَطَعَامُ الْبَخِيلِ دَاءٌ» . «وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَقُولُ: الشَّحِيحُ أَعْذَرُ مِنْ الظَّالِمِ، فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الشَّحِيحَ وَلَعَنَ الظَّالِمَ» .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: الْبَخِيلُ لَيْسَ لَهُ خَلِيلٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْبَخِيلُ حَارِسُ نِعْمَتِهِ، وَخَازِنُ وَرَثَتِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
إذَا كُنْت جَمَّاعًا لِمَالِكَ مُمْسِكًا ... فَأَنْتَ عَلَيْهِ خَازِنٌ وَأَمِينُ
تُؤَدِّيهِ مَذْمُومًا إلَى غَيْرِ حَامِدٍ ... فَيَأْكُلُهُ عَفْوًا وَأَنْتَ دَفِينُ
وَتَظَاهَرَ بَعْضُ ذَوِي النَّبَاهَةِ بِحُبِّ الثَّنَاءِ مَعَ إمْسَاكٍ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
أَرَاك تُؤَمِّلُ حُسْنَ الثَّنَا ... وَلَمْ يَرْزُقْ اللَّهُ ذَاكَ الْبَخِيلَا
وَكَيْفَ يَسُودُ أَخُو بِطْنَةٍ ... يَمُنُّ كَثِيرًا وَيُعْطِي قَلِيلًا
وَقَدْ بَيَّنَّا حُبَّ الثَّنَاءِ وَحُبَّ الْمَالِ، لِأَنَّ الثَّنَاءَ يَبْعَثُ عَلَى الْبَذْلِ وَحُبَّ الْمَالِ يَمْنَعُ مِنْهُ، فَإِنْ ظَهَرَا كَانَ حُبُّ الثَّنَاءِ كَاذِبًا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
جَمَعْت أَمْرَيْنِ ضَاعَ الْحَزْمُ بَيْنَهُمَا ... تِيهُ الْمُلُوكِ وَأَخْلَاقُ الْمَمَالِيكِ
أَرَدْت شُكْرًا بِلَا بِرٍّ وَلَا صِلَةٍ ... لَقَدْ سَلَكْت طَرِيقًا غَيْرَ مَسْلُوكِ
ظَنَنْت عِرْضَك لَمْ يُقْرَعْ بِقَارِعَةٍ ... وَمَا أَرَاك عَلَى حَالٍ بِمَتْرُوكِ
لَئِنْ سَبَقْتَ إلَى مَالٍ حَظِيتَ بِهِ ... فَمَا سَبَقْتَ إلَى شَيْءٍ سِوَى النُّوكِ
وَقَدْ يَحْدُثُ عَنْ الْبُخْلِ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَرِيعَةً إلَى كُلِّ مَذَمَّةٍ، أَرْبَعَةُ أَخْلَاقٍ نَاهِيكَ بِهَا ذَمًّا وَهِيَ: الْحِرْصُ وَالشَّرَهُ وَسُوءُ الظَّنِّ

اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست