responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 160
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إنَّ وَلَدَ الْغَيْرَى لَا يُنْجِبُ، وَإِنَّ أَنْجَبَ النِّسَاءِ الْفَرُوكُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَغْلِبُهَا عَلَى الشَّبَقِ لِزُهْدِهَا فِي الرِّجَالِ. وَقَالُوا: إنَّ الرَّجُلَ إذَا أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ وَهِيَ مَذْعُورَةٌ ثُمَّ أَذُكِرَتْ أَنْجَبَتْ.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِهِ الْقِيَامَ بِمَا يَتَوَلَّاهُ النِّسَاءُ مِنْ تَدْبِيرِ الْمَنَازِلِ. فَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُخْتَصًّا بِمُعَانَاةِ النِّسَاءِ فَلَيْسَ بِأَلْزَمَ حَالَتَيْ الزَّوْجَاتِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُعَانِيَهُ غَيْرُهُنَّ مِنْ النِّسَاءِ. وَلِذَلِكَ، قِيلَ: الْمَرْأَةُ رَيْحَانَةٌ وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْقَصْدِ تَأْثِيرٌ فِي دِينٍ وَلَا قَدَحٌ فِي مُرُوءَةٍ. وَالْأَحْمَدُ فِي مِثْلِ هَذَا الْتِمَاسُ ذَوَاتِ الْأَسْنَانِ وَالْحُنْكَةِ مِمَّنْ قَدْ خَبَرْنَ تَدْبِيرَ الْمَنَازِلِ وَعَرَفْنَ عَادَاتِ الرِّجَالِ، فَإِنَّهُنَّ أَقُومُ بِهَذَا الْحَالِ.
وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودَ بِهِ الِاسْتِمْتَاعُ وَهِيَ أَذَمُّ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ وَأَوْهَنُهَا لِلْمُرُوءَةِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَادُ فِيهِ لِأَخْلَاقِهِ الْبَهِيمِيَّةِ، وَيُتَابِعُ شَهْوَتَهُ الذَّمِيمَةَ. وَقَدْ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ النَّضْرِ الْأَزْدِيُّ: شَرُّ النِّكَاحِ نِكَاحُ الْغُلْمَةِ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِكَسْرِ الشَّهْوَةِ وَقَهْرِهَا بِالْإِضْعَافِ لَهَا عِنْدَ الْغَلَبَةِ، أَوْ تَسْكِينِ النَّفْسِ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ، حَتَّى لَا تَطْمَحَ لَهُ عَيْنٌ لِرِيبَةٍ وَلَا تُنَازِعَهُ نَفْسٌ إلَى فُجُورٍ، وَلَا يَلْحَقَهُ فِي ذَلِكَ ذَمٌّ، وَلَا يَنَالَهُ وَصْمٌ، وَهُوَ بِالْحَمْدِ أَجْدَرُ وَبِالثَّنَاءِ أَحَقُّ. وَلَوْ تَنَزَّهَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ عَنْ اسْتِبْذَالِ الْحَرَائِرِ إلَى الْإِمَاءِ كَانَ أَكْمَلَ لِمُرُوءَتِهِ، وَأَبْلَغَ فِي صِيَانَتِهِ. وَهَذِهِ الْحَالُ تَقِفُ عَلَى شَهَوَاتِ النُّفُوسِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَجَّحَ فِيهَا أَوْلَى الْأُمُورِ وَهِيَ أَخْطَرُ الْأَحْوَالِ بِالْمَنْكُوحَةِ؛ لِأَنَّ لِلشَّهَوَاتِ غَايَاتٍ مُتَنَاهِيَةٍ يَزُولُ بِزَوَالِهَا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهَا، فَتَصِيرُ الشَّهْوَةُ فِي الِابْتِدَاءِ، كَرَاهِيَةً فِي الِانْتِهَاءِ.
وَلِذَلِكَ كَرِهَتْ الْعَرَبُ الْبَنَاتِ وَوَأَدَتْهُنَّ إشْفَاقًا عَلَيْهِنَّ وَحَمِيَّةً لَهُنَّ مِنْ أَنْ يَتَبَذَّلَهُنَّ اللِّئَامُ بِهَذِهِ الْحَالِ. وَكَانَ مَنْ تَحَوَّبَ مِنْ قَتْلِ الْبَنَاتِ لِرِقَّةٍ وَمَحَبَّةٍ كَانَ مَوْتُهُنَّ أَحَبَّ إلَيْهِ وَآثَرَ عِنْدَهُ. وَلَمَّا خُطِبَ إلَى عَقِيلِ بْنِ عَلْقَمَةَ ابْنَتُهُ الْحِرْبَاءُ قَالَ: إنِّي وَإِنْ سَبَقَ إلَيَّ الْمَهْرُ، أَلْفٌ وَعَبْدَانِ

اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست