اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 351
بعدد الرسل فكل مؤمن على خلق منها فهو سألك الطريق إلى الله
فإذن الناس وإن اختلفت طرقهم في العبادة فكلهم على الصواب أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب وإنما يتفاوتون في درجات القرب لا في أصله وأقربهم إلى الله تعالى أعرفهم به وأعرفهم به لا بد وأن يكون أعبدهم له فمن عرفه لم يعبد غيره والأصل في الأوراد في حق كل صنف من الناس المداومة فإن المراد منه تغيير الصفات الباطنة وآحاد الأعمال يقل آثارها بل لا يحس بآثارها وإنما يترتب الأثر على المجموع فإذا لم يعقب العمل الواحد أثراً محسوساً ولم يردف بثان وثالث على القرب انمحى الأثر الأول وكان كالفقيه يريد أن يكون فقيه النفس فإنه لا يصير فقيه النفس إلا بتكرار كثير فلو بالغ ليلة في التكرار وترك شهراً أو أسبوعاً ثم عاد وبالغ ليلة لم يؤثر هذا فيه ولو وزع ذلك القدر على الليالي المتواصلة لأثر فيه ولهذا السر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل [1] وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كان عمله ديمة وكان إذا عمل عملاً أثبته [2] ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من عوده الله عبادة فتركها ملالة مقته الله [3] وهذا كان السبب في صلاته بعد العصر تداركاً لما فاته من ركعتين شغله عنهما الوفد ثم لم يزل بعد ذلك يصليهما بعد العصر ولكن في منزله لا في المسجد كيلا يقتدى به [4] روته عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما فإن قلت فهل لغيره أن يقتدي به في ذلك مع أن الوقت وقت كراهية فاعلم أن المعاني الثلاثة التي ذكرناها في الكراهية من الاحتراز عن التشبه بعبدة الشمس أو السجود وقت ظهور قرن الشيطان أو الاستراحة عن العبادة حذراً من الملال لا يتحقق في حقه فلا يقاس عليه في ذلك غيره ويشهد لذلك فعله في المنزل حتى لا يقتدى به صلى الله عليه وسلم
الباب الثاني في الأسباب الميسرة لقيام الليل وفي الليالي التي يستحب إحياؤها وفي فضيلة إحياء الليل وما بين العشاءين وكيفية قسمة الليل
فضيلة إحياء ما بين العشاءين
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما روت عائشة رضي الله عنها إن أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب لم يحطها عن مسافر ولا عن مقيم فتح بها فقضى صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين بنى الله له قصر في الجنة
الباب الثاني في الأسباب الميسرة لقيام الليل حديث عائشة إن أفضل
الصلاة عند الله صلاة المغرب لم يحطها عن مسافر ولا عن مقيم الحديث رواه أبو الوليد يونس بن عبيد الله الصفار في كتاب الصلاة ورواه الطبراني في الأوسط مختصرا وإسناده ضعيف [5] حديث أم سلمة عن أبي هريرة من صلى ست ركعات بعد المغرب عدلت له عبادة سنة أو كأنه صلى ليلة القدر أخرجه الترمذي وابن ماجه بلفظ اثنتي عشرة سنة وضعفه الترمذي وأما قوله كأنه صلى ليلة القدر فهو من قول كعب الأحبار كما رواه أبو الوليد الصفار ولأبي منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عباس من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يكلم أحدا وضعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى وسنده ضعيف // وعن سعيد بن جبير عن ثوبان [1] حديث أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل متفق عليه من حديث عائشة [2] حديث سئلت عائشة عن عمل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كان عمله ديمة وكان إذا عمل عملاً أثبته رواه مسلم [3] حديث من عوده الله عبادة فتركها ملالا مقته الله تقدم في الصلاة وهو موقوف على عائشة [4] حديث شغله الوفد عن ركعتين فصلاهما بعد العصر ثم لم يزل يصليهما بعد العصر في منزله متفق عليه من حديث أم سلمة أنه صلى بعد العصر ركعتين وقال شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر ولهما من حديث عائشة ما تركهما حتى لقي الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته والله الموفق للصواب [5] قال الراوي لا أدري من ذهب أو فضة ومن صلى بعدها أربع ركعات غفر له ذنب عشرين سنة أو قال أربعين سنة وروت أم سلمة وأبو هريرة رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال من صلى ست ركعات بعد المغرب عدلت له عبادة سنة كاملة أو كأنه صلى ليلة القدر
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 351