responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 308
إلى السماء وهي تقول اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب غيرنا فقال سليمان عليه السلام ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم
وقال الأوزاعي خرج الناس يستسقون فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا معشر من حضر ألستم مقرين بالإساءة فقالوا اللهم نعم فقال اللهم إنا قد سمعناك تقول ما على المحسنين من سبيل وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا اللهم فاغفر لنا وارحمنا واسقنا فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا
وقيل لمالك بن دينار ادع لنا ربك فقال إنكم تستبطئون المطر وأنا أستبطىء الحجارة وروي أن عيسى صلوات الله عليه وسلامه خرج يستسقي فلما ضجروا قال لهم عيسى عليه السلام من أصاب منكم ذنباً فليرجع فرجعوا كلهم ولم يبق معه في المفازة إلا واحد فقال له عيسى عليهم السلام أما لك من ذنب فقال والله ما علمت من شيء غير أني كنت ذات يوم أصلي فمرت بي امرأة فنظرت إليها بعيني هذه فلما جاوزتني أدخلت أصبعي في عيني فانتزعتها وتبعت المرأة بها فقال له عيسى عليه السلام فادع الله حتى أؤمن على دعائك قال فدعا فتجللت السماء سحاباً ثم صبت فسقوا وقال يحيى الغساني أصاب الناس قحط على عهد داود عليه السلام فاختاروا ثلاثة من علمائهم فخرجوا حتى يستسقوا بهم فقال أحدهم اللهم إنك أنزلت في توراتك أن نعفو عمن ظلمنا اللهم إنا قد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا وقال الثاني اللهم إنك أنزلت في توراتك أن نعتق أرقاءنا اللهم إنا أرقاؤك فأعتقنا وقال الثالث اللهم إنك أنزلت في توراتك أن لا نرد المساكين إذا وقفوا بأبوابنا اللهم إنا مساكينك وقفنا ببابك فلا ترد دعاءنا فسقوا وقال عطاء السلمي منعنا الغيث فخرجنا نستسقي فإذا نحن بسعدون المجنون في المقابر فنظر إلي فقال يا عطاء أهذا يوم النشور أوبعثر ما في القبور فقلت لا ولكنا منعنا الغيث فخرجنا نستسقي فقال يا عطاء بقلوب أرضية أم بقلوب سماوية فقلت بل بقلوب سماوية فقال هيهات يا عطاء قل للمتبهرجين لا تتبهرجوا فإن الناقد بصير ثم رمق السماء بطرفه وقال إلهي وسيدي ومولاي لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ولكن بالسر المكنون من أسمائك وما وارت الحجب من آلائك إلا ما سقيتنا ماء غدقاً فراتاً تحيي به العباد وتروي به البلاد يا من هو على كل شيء قدير قال عطاء فما استتم الكلام حتى أرعدت السماء وأبرقت وجادت بمطر كأفواه القرب فولى وهو يقول
أفلح الزاهدون والعابدونا ... إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
أسهروا الأعين العليلة حباً ... فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
شغلتهم عبادة الله حتى ... حسب الناس أن فيهم جنونا
وقال ابن المبارك قدمت المدينة في عام شديد القحط فخرج الناس يستسقون فخرجت معهم إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش قد اتزر بإحداهما وألقى الأخرى على عاتقه فجلس إلى جنبي فسمعته يقول إلهي أخلقت الوجوه عندك كثرة الذنوب ومساوي الأعمال وقد حبست عنا غيث السماء لتؤدب عبادك بذلك فأسألك يا حليماً ذا أناة يا من لا يعرف عباده منه إلا الجميل أن تسقيهم الساعة الساعة فلم يزل يقول الساعة الساعة حتى اكتست السماء بالغمام وأقبل المطر من كل جانب قال ابن المبارك فجئت إلى الفضيل فقال ما لي أراك كئيباً فقلت أمر سبقنا إليه غيرنا فتولاه دوننا وقصصت عليه القصة فصاح الفضيل وخر مغشياً عليه
ويروى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ استسقى بالعباس رضي الله عنه فلما فرغ عمر من دعائه قال العباس اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك صلى الله عليه وسلم وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا بالتوبة وأنت

اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست