اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 258
عنها وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ يُلَبِّي حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ تَرَكَ التَّلْبِيَةَ وَطَافَ سَبْعًا وَسَعَى سَبْعًا كَمَا وَصَفْنَا فَإِذَا فَرَغَ حَلَقَ رَأْسَهُ وَقَدْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ وَالْمُقِيمُ بِمَكَّةَ ينبغي أن يكثر الاعتمار والطواف وليكثر النظر إلى البيت فإذا دخله فليصل ركعتين بين العمودين فهو الأفضل وليدخله حافياً موقراً
قيل لبعضهم هل دخلت بيت ربك اليوم فقال والله ما أرى هاتين القدمين أهلاً للطواف حول بيت ربي فكيف أراهما أهلاً لأن أطأ بهما بيت ربي وقد علمت حيث مشيتا وإلى أين مشيتا وليكثر شرب ماء زمزم وليستق بيده من غير استنابة إن أمكنه وليرتو منه حتى يتضلع وليقل اللهم اجعله شفاء من كل داء وسقم وارزقني الإخلاص واليقين والمعافاة في الدنيا والآخرة قال صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له [1] أي يشفي ما قصد به الْجُمْلَةُ التَّاسِعَةُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ
مَهْمَا عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْوَطَنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ إِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَلْيُنْجِزْ أَوَّلًا أَشْغَالَهُ وَلْيَشُدَّ رِحَالَهُ وَلْيَجْعَلْ آخِرَ أَشْغَالِهِ وَدَاعَ الْبَيْتِ وَوَدَاعُهُ بأن يطوف به سبعا ما سَبَقَ وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ رَمَلٍ وَاضْطِبَاعٍ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَشَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ يَأْتِي الْمُلْتَزَمَ وَيَدْعُو ويتضرع ويقول اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضاً وإلا فمن الآن قبل تباعدي عن بيتك هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك
اللَّهُمَّ أَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي وَاجْمَعْ لِي خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّكَ على كل شيء قدير
اللهم لا تجعل هذا آخر عهدي ببيتك الحرام وإن جعلته آخر عهدي فعوضني عنه الجنة والأحب أن لا يصرف بصره عن البيت حتى يغيب عنه
الجملة العاشرة في زيارة المدينة وآدابها
قال صلى الله عليه وسلم من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي [2] وقال صلى الله عليه وسلم من وجد سعة ولم يفد إلي فقد جفاني [3] وقال صلى الله عليه وسلم من جاءني زائراً لا يهمه إلا زيارتي كان حقاً على الله سبحانه أن أكون له شفيعاً [4] فمن قَصَدَ زِيَارَةَ الْمَدِينَةِ فَلْيُصَلِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقِهِ كَثِيرًا
فإذا وقع بصره على حيطان المدينة وأشجاره قال اللهم هذا حرم رسولك فاجعله لي وقاية من النار وأماناً من العذاب وسوء الحساب وليغتسل قبل الدخول من بئر الحرة وَلْيَتَطَيَّبْ وَلْيَلْبَسْ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ فَإِذَا دَخَلَهَا فَلْيَدْخُلْهَا [1] حديث ماء زمزم لما شرب له أخرجه ابن ماجه من حديث جابر بسند ضعيف ورواه الدارقطني والحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس قال الحاكم صحيح الإسناد إن سلم من محمد بن حبيب الجلارودي قال ابن القطان سلم منه فإن الخطيب قال فيه كان صدوقا قال ابن القطان لكن الراوي عنه مجهول وهو محمد بن هشام المروزي [2] حديث من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي اخرجه الطبراني والدارقطني من حديث ابن عمر [3] حديث من وجد سعة ولم يفد إلي فقد جفاني أخرجه ابن عدي والدارقطني في غرائب مالك وابن حبان في الضعفاء والخطيب في الرواة عن مالك في حديث ابن عمر من حج ولم يزرني فقد جفاني وذكره ابن الجوزي في الموضوعات وروى ابن النجار في تاريخ المدينة من حديث أنس ما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر [4] حديث من جاءني زائراً لا تهمه إلا زيارتي كان حقاً على الله أن أكون له شفيعاً أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر وصححه ابن السكن
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 258