اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 253
الْجُمْلَةُ السَّادِسَةُ فِي الْوُقُوفِ وَمَا قَبْلَهُ
الْحَاجُّ إذا انتهى يوم عرفة إلى عرفات يَتَفَرَّغُ لِطَوَافِ الْقُدُومِ وَدُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَإِذَا وَصَلَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ فَطَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ فَيَمْكُثُ مُحْرِمًا إِلَى الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمَكَّةَ خُطْبَةً بَعْدَ الظُّهْرِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالِاسْتِعْدَادِ لِلْخُرُوجِ إِلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْمَبِيتِ بِهَا وَبِالْغُدُوِّ مِنْهَا إِلَى عَرَفَةَ لِإِقَامَةِ فَرْضِ الْوُقُوفِ بَعْدَ الزَّوَالِ إِذْ وَقَتُ الْوُقُوفِ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَيَنْبَغِي أن يخرج إلى منى ملبياً ويستحب له المشي من مكة في المناسك إلى انقضاء حجته إن قدر عليه والمشي من مسجد إبراهيم عليه السلام إلى الموقف أفضل وآكد
فإذا انتهى إلى منى قال اللهم هذه منى فامنن علي بما مننت به على أوليائك وأهل طاعتك وليمكث هذه الليلة بمنى وهو مبيت منزل لا يتعلق به نسك فَإِذَا أَصْبَحَ يَوْمَ عَرَفَةَ صَلَّى الصُّبْحَ فَإِذَا طلعت الشمس على ثبير سار إلى عرفات ويقول اللهم أجعلها خير غدوة غدوتها قط واقربها من رضوانك وأبعدها من سخطك اللهم إليك غدوت وإياك رجوت وعليك اعتمدت ووجهك أردت فاجعلني ممن تباهي به اليوم من هو خير مني وأفضل
فإذا أتى عرفات فليضرب خباءه بنمرة قريباً من المسجد فثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبته [1] ونمرة هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة وليغتسل للوقوف فإذا زالت الشمس خطب الإمام خطبة وجيزة وقعد وأخذ المؤذن في المؤذن في الأذان والإمام في الخطبة الثانية ووصل الإقامة بالأذان وفرغ الإمام مع تمام إقامة المؤذن ثم جمع بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَقَصْرِ الصَّلَاةِ وراح إلى الموقف فليقف بعرفة ولا يقفن في وادي عرنة وأما مسجد إبراهيم عليه السلام فصدره في الوادي وأخرياته من عرفة فمن وقف في صدر المسجد لم يحصل له الوقوف بعرفة
ويتميز مكان عرفة من المسجد بصخرات كبار فرشت ثم
والأفضل أن يقف عند الصخرات بقرب الإمام مستقبلاً للقبلة راكباً وَلْيُكْثِرْ مِنْ أَنْوَاعِ التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ
وَلَا يَصُومُ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِيَقْوَى عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الدُّعَاءِ
وَلَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ بَلِ الْأَحَبُّ أَنْ يُلَبِّيَ تَارَةً وَيَكُبَّ عَلَى الدعاء أخرى
وينبغي أن لا ينفصل من طرف عرفة إلا بعد الغروب ليجمع في عرفة بين الليل والنهار وإن أمكنه الوقوف يوم الثامن ساعة عند إمكان الغلط في الهلال فهو الحزم وبه الأمن من الفوات
ومن فاته الوقوف حتى طلع الفجر يوم النحر فقد فاته الحج فعليه أن يتحلل عن إحرامه بأعمال العمرة ثم يريق دماً لأجل الفوات ثم يقضي العام الآتي وليكن أهم اشتغاله في هذا اليوم الدعاء ففي مثل تلك البقعة ومثل ذلك الجمع ترجى إجابة الدعوات
والدعاء المأثور عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] وعن السلف [1] حديث ضربه صلى الله عليه وسلم قبته بنمرة أخرجه مسلم من حديث جابر الطويل أمر بقبة من شعر تضرب له بثمرة الحديث [2] حديث الدعاء المأثور في يوم عرفة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له الحديث أخرجه الترمذي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قدير وقال حسن غريب وله من حديث علي قال أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في الموقف اللهم لك الحمد كالذي تقول وخيرا مما نقول لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي ولك رب تراثي اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح وقال ليس بالقوي إسناده وروى المستغفري في الدعوات من حديثه يا علي إن أكثر دعاء من قبلي يوم عرفة أن أقول لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شيء قدير اللهم اجعل في صدري نوراً وفي سمعي نوراً وفي قلبي نوراً اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري اللهم إني أعوذ بك من وسواس الصدر وشتات الأمر وفتنة القبر وشر ما يلج في الليل وشر ما يلج في النهار وشر ما تهب به الرياح ومن شر بوائق الدهر وإسناده ضعيف وروى الطبراني في المعجم الصغير من حديث ابن عباس قال كان مما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير فذكر الحديث إلى قوله يا خير المسئولين ويا خير المعطين وإسناده ضعيف وباقي الدعاء من دعاء بعض السلف في بعضه ما هو مرفوع ولكن ليس مقيدا بموقف عرفة
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 253