اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 193
الفضل بحسب ما ورد فيها من الأخبار والآثار المعرفة لفضلها وبحسب طول مواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها وبحسب صحة الأخبار الواردة فيها واشتهارها ولذلك يقال سنن الجماعات أفضل من سنن الانفراد
وأفضل سنن الجماعات صلاة العيد ثم الكسوف ثم الاستسقاء
وأفضل سنن الانفراد الوتر ثم ركعتا الفجر ثم ما بعدهما من الرواتب على تفاوتها
واعلم أن النوافل باعتبار الإضافة إلى معلقاتها تنقسم إلى ما يتعلق بأسباب كالكسوف والاستسقاء وإلى ما يتعلق بأوقات والمتعلق بالأوقات ينقسم إلى ما يتكرر بتكرر اليوم والليلة أو بتكرر الأسبوع أو بتكرر السنة فالجملة أربعة أقسام
القسم الأول ما يتكرر بتكرر الأيام والليالي
وهي ثمانية خمسة هي رواتب الصلوات الخمس وثلاثة وراءها وهي صلاة الضحى وإحياء ما بين العشاءين والتهجد
الأولى راتبة الصبح وهي ركعتان قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها [1] ويدخل وقتها بطلوع الفجر الصادق وهو المستطير دون المستطيل
وإدراك ذلك بالمشاهدة عسير في أوله إلا أن يتعلم منازل القمر أو يعلم اقتراع طلوعه بالكواكب الظاهرة للبصر فيستدل بالكواكب عليه ويعرف بالقمر في ليلتين من الشهر فإن القمر يطلع مع الفجر في ليلة ست وعشرين ويطلع الصبح مع غروب القمر ليلة اثني عشر من الشهر هذا هو الغالب ويتطرق إليه تفاوت في بعض البروج وشرح ذلك يطول
وتعلم منازل القمر من المهمات للمريد حتى يطلع به على مقادير الأوقات بالليل وعلى الصبح ويفوت وقت ركعتي الفجر بفوات وقت فريضة الصبح وهو طلوع الشمس ولكن السنة أداؤهما قبل الفرض فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَشْتَغِلْ بالمكتوبة فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ [2] ثُمَّ إِذَا فرغ من المكتوبة قام إليهما وصلاهما
والصحيح أنهما أداء ما وقعتا قبل طلوع الشمس لأنهما تابعتان للفرض في وقته وإنما الترتيب بينهما سنة في التقديم والتأخير إذا لم يصادف جماعة فإذا صادف جماعة انقلب الترتيب وبقيتا أداء
والمستحب أن يصليهما في المنزل ويخففهما ثم يدخل المسجد ويصلي ركعتين تحية المسجد ثم يجلس ولا يصلي إلى أن يصلي المكتوبة وفيما بين الصبح إلى طلوع الشمس الأحب فيه الذكر والفكر والاقتصار على ركعتي الفجر والفريضة
الثانية راتبة الظهر وهي ست ركعات ركعتان بعدها وهي أيضاً سنة مؤكدة وأربع قبلها وهي أيضاً سنة وإن كانت دون الركعتين الأخيرتين روى أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أنه قال من صلى أربع ركعات بعد زوال الشمس يحسن قراءتهن وركوعهن وسجودهن صلى معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى الليل [3] من حديث أبي مسعود ولم أره من حديث أبي هريرة وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعاً بعد الزوال يطيلهن ويقول إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يرفع لي فيها عمل [4] رواه أبو أيوب الأنصاري وتفرد به ودل عليه أيضاً ما روت أم حبيبة زوج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ من صلى في كل يوم اثنتي عشرة ركعة غير المكتوبة بني له بيت في الجنة [1] حديث ركعتا الفجر خير من الدنيا الحديث أخرجه مسلم من حديث عائشة [2] حديث إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة [3] حديث أبي هريرة من صلى أربع ركعات بعد زوال الشمس يحسن قراءتهن الحديث ذكره عبد الملك بن حبيب بلاغا [4] حديث أبي أيوب كان لا يدع أربعاً بعد الزوال الحديث أخرجه أحمد بسند ضعيف نحوه وهو عند أبي داود وابن ماجه مختصرا وروى الترمذي نحوه من حديث عبد الله بن السائب وقال حسن
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 193