responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 182
إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد بأيديهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون الأول فالأول على مراتبهم [1] وجاء في الخبر إن الملائكة يتفقدون الرجل إذا تأخر عن وقته يوم الجمعة فيسأل بعضهم بعضاً عنه ما فعل فلان وما الذي أخره عن وقته فيقولون اللهم إن كان أخره فقر فأغنه وإن كان أخره مرض فاشفه وإن كان أخره شغل ففرغه لعبادتك وإن كان أخره لهو فأقبل بقلبه إلى طاعتك [2] وكان يرى في القرن الأول سحراً وبعد الفجر الطرقات مملوءة من الناس يمشون في السرج ويزدحمون بها إلى الجامع كأيام العيد حتى اندرس ذلك فقيل أول بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجامع
وكيف لا يستحي المسلمون من اليهود والنصارى وهم يبكرون إلى البيع والكنائس يوم السبت والأحد وطلاب الدنيا كيف يبكرون إلى رحاب الأسواق للبيع والشراء والربح فلم لا يسابقهم طلاب الآخرة ويقال إن الناس يكونون في قربهم عند النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى على قدر بكورهم إلى الجمعة
ودخل ابن مسعود رضي الله عنه بكرة الجامع فرأى ثلاثة نفر قد سبقوه بالبكور فاغتم لذلك وجعل يقول في نفسه معاتباً لها رابع أربعة وما رابع أربعة من البكور ببعيد
الخامس في هيئة الدخول ينبغي أَنْ لَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَلَا يَمُرَّ بين أيديهم والبكور يسهل ذلك عليه فَقَدْ وَرَدَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي تَخَطِّي الرِّقَابِ وهو أنه يجعل جسرا يوم القيامة يتخطاه الناس [3] وروى ابن جريج مرسلاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس حتى تقدم فجلس فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته عارض الرجل حتى لقيه فقال يا فلان ما منعك أن تجمع اليوم معنا قال يا نبي الله قد جمعت معكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألم نرك تتخطى رقاب الناس [4] أشار به إلى أنه أحبط عمله
وفي حديث مسند أنه قال ما منعك أن تصلي معنا قال أو لم ترني يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم رأيتك تأنيت وآذيت [5] أي تأخرت عن البكور وآذيت الحضور
وَمَهْمَا كَانَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مَتْرُوكًا خَالِيًا فَلَهُ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا حَقَّهُمْ وتركوا موضع الفضيلة
قال الحسن تخطوا رقاب الناس الذين يقعدون على أبواب الجوامع يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ
وَإِذَا لم يكن في المسجد إلا من يصلي فينبغي أن لا يسلم لأنه تكليف جواب في غير محله
السادس أن لا يمر بين يدي الناس ويجلس حيث هو إلى قرب أُسْطُوَانَةٍ أَوْ حَائِطٍ حَتَّى لَا يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَعْنِي بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فَإِنَّ ذَلِكَ لا يقطع الصلاة ولكنه مَنْهِيٌّ عَنْهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن يقف أربعين عاماً خير له من أن يمر بين يدي المصلي [6] وقال صلى الله عليه وسلم لأن يكون الرجل رماداً أو رميماً

[1] حديث إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد بأيديهم صحف من فضة وأقلام من ذهب الحديث أخرجه ابن مردويه في التفسير من حديث علي بإسناد ضعيف إذا كان يوم الجمعة نزل جبريل فركز لواء بالمسجد الحرام وغدا سائر الملائكة إلى المساجد التي يجمع فيها يوم الجمعة فركزوا ألويتهم وراياتهم بباب المسجد ثم نشروا قراطيس من فضة وأقلاما من ذهب
[2] حديث إن الملائكة يفتقدون العبد إذا تأخر عن وقته يوم الجمعة فيسأل بعضهم بعضا ما فعل فلان أخرجه البيهقي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مع زيادة ونقص بإسناد حسن واعلم أن المصنف ذكر هذا فإن لم يرد به حديثا مرفوعا فليس من شرطنا وإنما ذكرناه احتياطا
[3] حديث من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم أخرجه الترمذي وضعفه وابن ماجه من حديث معاذ بن أنس
[4] حديث ابن جريج مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب إذ رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس الحديث وفيه ما منعك أن تجمع معنا اليوم أخرجه ابن المبارك في الرقائق
[5] حديث ما منعك أن تصلي معنا فقال أو لم ترني قال رأيتك آنيت وآذيت أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن بسر مختصرا
[6] حديث لأن يقف أربعين سنة خير له من أن يمر بين يدي المصلي أخرجه البزار من حديث زيد بن خالد وفي الصحيحين من حديث أبي جهم أن يقف أربعين قال أبو النضر لا أدري أربعين يوما أو شهرا أو سنة رواه أبو داود وابن حبان من حديث أبي هريرة مائة عام
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست