اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 180
لهذه الصفات أو في قرية من سواد البلد يبلغها نداء البلد من طرف بابها والأصوات ساكنة والمؤذن رفيع الصوت لقوله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} ويرخص لهؤلاء في ترك الجمعة لعذر الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ وَالْفَزَعِ وَالْمَرَضِ وَالتَّمْرِيضِ إِذَا لَمْ يكن للمريض قيم غيره
ثم يستحب لهم أعني أصحاب الأعذار تأخير الظهر إلى أن يفرغ الناس من الجمعة فإن حضر الجمعة مريض أو مسافر أو عبد أو امرأة صحت جمعتهم وأجزأت عن الظهر والله أعلم بيان آداب الجمعة على ترتيب العادة وهي عشر جمل
{الأول} أن يستعد لها يوم الخميس عزماً عليها واستقبالاً لفضلها فيشتغل بالدعاء والاستغفار والتسبيح بعد العصر يوم الخميس لأنها ساعة قوبلت بالساعة المبهمة في يوم الجمعة
قال بعض السلف إن لله عز وجل فضلاً سوى أرزاق العباد لا يعطى من ذلك الفضل إلا من سأله عشية الخميس ويوم الجمعة ويغسل في هذا اليوم ثيابه ويبيضها ويعد الطيب إن لم يكن عنده ويفرغ قلبه من الأشغال التي تمنعه من البكور إلى الجمعة وينوي في هذه الليلة صوم يوم الجمعة فإن له فضلاً وليكن مضموماً إلى يوم الخميس أو السبت لا مفرداً فإنه مكروه ويشتغل بإحياء هذه الليلة بالصلاة وختم القرآن فلها فضل كثير وينسحب عليها فضل يوم الجمعة
ويجامع أهله في هذه الليلة أو في يوم الجمعة فقد استحب ذلك قوم حملوا عليه قوله صلى الله عليه وسلم رحم الله من بكر وابتكر وغسل واغتسل [1] وهو حمل الأهل على الغسل وقيل معناه غسل ثيابه فروي بالتخفيف واغتسل لجسده وبهذا تتم آداب الاستقبال ويخرج من زمرة الغافلين الذين إذا أصبحوا قالوا ما هذا اليوم قال بعض السلف أوفى الناس نصيباً من الجمعة من انتظرها ورعاها من الأمس وأخفهم نصيباً من إذا أصبح يقول أيش اليوم وكان بعضهم يبيت ليلة الجمعة في الجامع لأجلها
الثاني إذا أصبح ابتدأ بالغسل بعد طلوع الفجر وإن كان لا يبكر فأقربه إلى الرواح أحب ليكون أقرب عهداً بالنظافة فالغسل مستحب استحباباً مؤكداً وذهب بعض العلماء إلى وجوبه قال صلى الله عليه وسلم غسل الجمعة واجب على كل محتلم [2] والمشهور من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما من أتى الجمعة فليغتسل [3] وقال صلى الله عليه وسلم من شهد الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل [4] وكان أهل المدينة إذا تساب المتسابان يقول أحدهما للآخر لأنت أشر ممن لا يغتسل يوم الجمعة
وقال عمر لعثمان رضي الله عنهما لما دخل وهو يخطب أهذه الساعة منكراً عليه ترك البكور فقال ما زدت بعد أن سمعت الأذان على أن توضأت وخرجت فقال والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالغسل [5] وقد عرف جواز ترك الغسل بوضوء عثمان رضي الله تعالى عنه وبما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل [6] ومن اغتسل للجنابة فليفض الماء على بدنه مرة أخرى [1] حديث رحم الله من بكر وابتكر وغسل واغتسل الحديث رواه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أوس بن أوس من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر الحديث وحسنه الترمذي [2] حديث غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم متفق عليه من حديث أبي سعيد [3] حديث نافع عن ابن عمر من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل متفق عليه وهذا لفظ ابن حبان [4] حديث من شهد الجمعة من الرجال والنساء فليغتسلوا أخرجه ابن حبان والبيهقي من حديث ابن عمر [5] حديث قال عمر لعثمان لما دخل وهو يخطب أهذه الساعة الحديث إلى أن قال والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل متفق عليه من حديث أبي هريرة ولم يسم البخاري عثمان [6] حديث من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه ورواه النسائي من حديث سمرة
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 180