اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 174
والأفقه فقد قال صلى الله عليه وسلم أئمتكم شفعاؤكم أو قال وفدكم إلى الله فإن أردتم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم [1] وقال بعض السلف ليس بعد الأنبياء أفضل من العلماء ولا بعد العلماء أفضل من الأئمة المصلين لأن هؤلاء قاموا بين يدي الله عز وجل وبين خلقه هذا بالنبوة وهذا بالعلم وهذا بعماد الدين وهو الصلاة
وبهذه الحجة احتج الصحابة في تقديم أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعنهم للخلافة إذ قالوا نظرنا فإذا الصلاة عماد الدين فاخترنا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا [2] وما قدموا بلالاً احتجاجاً بأنه رضيه للأذان [3] وما روي أنه قال له رجل يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة قال كن مؤذناً قال لا أستطيع قال كن إماماً قال لا أستطيع قال صل بإزاء الإمام [4] فلعله ظن أنه لا يرضى بإمامته إذ الأذان إليه والإمامة إلى الجماعة وتقديمهم له
ثم بعد ذلك توهم أنه ربما يقدر عليها الثالثة أَنْ يُرَاعِيَ الْإِمَامُ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ فَيُصَلِّي فِي أوائلها ليدرك رضوان الله سبحانه فَفَضْلُ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى آخِرِهِ كَفَضْلِ الْآخِرَةِ على الدنيا [5] هكذا روي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي الحديث إن العبد ليصلي الصلاة في آخر وقتها ولم تفته ولما فاته من أول وقتها خير له من الدنيا وما فيها [6] وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ لِانْتِظَارِ كَثْرَةِ الجماعة بل عليهم الْمُبَادَرَةُ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ وَمِنْ تَطْوِيلِ السُّورَةِ
وَقَدْ قيل كانوا إذا حضر اثنان في الجماعة لم ينتظروا الثالث وإذا حضر أربعة في الجنازة لم ينتظروا الخامس وَقَدْ تَأَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَكَانُوا فِي سَفَرٍ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِلطَّهَارَةِ فَلَمْ يُنْتَظَرْ وَقُدِّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ حَتَّى فَاتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةٌ فقام يقضيها قال فأشفقنا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قد أحسنتم هكذا فافعلوا [7] وقد تأخر في صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَدَّمُوا أبا بكر رَضِيَ اللَّهُ عنه حتى جاء رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَامَ إِلَى جَانِبِهِ [8] وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الْمُؤَذِّنِ وَإِنَّمَا عَلَى الْمُؤَذِّنِ انْتِظَارُ الإمام للإقامة فإذا حضر فلا ينتظر غيره الرابعة أَنْ يَؤُمَّ مُخْلِصًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُؤَدِّيًا أمانة الله تعالى في طهارته وجميع شروطصلاته
أما الإخلاص [1] حديث أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى فإن أردتم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم أخرجه الدارقطني والبيهقي وضعف إسناده من حديث ابن عمر والبغوي وابن قانع والطبراني في معاجمهم والحاكم من حديث مرثد بن أبي مرثد نحوه وهو منقطع وفيه يحيى بن يحيى الأسلمي وهو ضعيف [2] حديث تقديم الصحابة أبا بكر وقولهم اخترنا لدنيانا من اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أخرجه ابن شاهين في شرح مذهب أهل السنة من حديث علي قال لقد أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن يصلي بالناس وإني شاهد ما أنا بغائب ولا بي مرض فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي صلى الله عليه وسلم لديننا والمرفوع منه متفق عليه من حديث عائشة وأبي موسى في حديث قال مروا أبا بكر فليصل بالناس [3] حديث تقديم الصحابة بلالا احتجاجا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضيه للأذان أما المرفوع منه فرواه أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان من حديث عبد الله بن زيد في بدء الأذان وفيه قم مع بلال فألق عليه ما رأيت فيؤذن به الحديث وأما تقديمهم له بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فروى الطبراني أن بلالا جاء إلى أبي بكر فقال يا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أردت أن أربط نفسي في سبيل الله حتى أموت فقال أبو بكر أنشدك بالله يا بلال وحرمتي وحقي لقد كبرت سني وضعفت قوتي واقترب أجلي فأقام بلال معه فلما توفي أبو بكر جاء عمر فقال له مثل ما قال لأبي بكر فأبى عليه فقال عمر فمن يا بلال فقال إلى سعد فإنه قد أذن بقباء عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فجعل عمر الأذان إلى سعد وعقبة وفي إسناده جهالة [4] حديث قال له رجل يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة فقال كن مؤذنا الحديث أخرجه البخاري في التاريخ والعقيلي في الضعفاء والطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف [5] حديث فضل أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى آخِرِهِ كَفَضْلِ الْآخِرَةِ عَلَى الدنيا أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف [6] حديث إن العبد ليصلي الصلاة في آخر وقتها ولم تفته الحديث أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة نحوه بإسناد ضعيف [7] حديث تَأَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً عن صلاة الفجر وكان في سفر وإنما تأخر للطهارة فقدموا عبد الرحمن بن عوف الحديث متفق عليه من حديث المغيرة [8] حديث تأخر في صلاة الظهر فقدموا أبا بكر الحديث متفق عليه من حديث سهل بن سعد
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 174