responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 113
الأصلح وأما الحكيم منا يراعي الأصلح نظراً لنفسه ليستفيد به في الدنيا ثناء وفي الآخرة ثواباً أو يدفع به عن نفسه آفة
وكل ذلك محال على الله سبحانه وتعالى
الأصل الثامن أن معرفة الله سبحانه وطاعته واجبة بإيجاب الله تعالى وشرعه لا بالعقل خلافاً للمعتزلة لأن العقل وإن أوجب الطاعة فلا يخلو إما أن يوجبها لغير فائدة وهو محال فإن العقل لا يوجب العبث وإما أن يوجبها لفائدة وغرض وذلك لا يخلو إما أن يرجع إلى المعبود وذلك محال في حقه تعالى فإنه يتقدس عن الأغراض والفوائد بل الكفر والإيمان والطاعة والعصيان في حقه تعالى سيان وإما أن يرجع ذلك إلى عرض العبد وهو أيضاً محال لأنه لا غرض له في الحال بل يتعب به وينصرف عن الشهوات لسببه وليس في المآل إلا الثواب والعقاب
ومن أين يعلم أن الله تعالى يثيب على المعصية والطاعة ولا يعاقب عليهما مع أن الطاعة والمعصية في حقه يتساويان إذ ليس له إلى أحدهما ميل ولا به لأحدهما اختصاص وإنما عرف تمييز ذلك بالشرع ولقد زل من أخذ هذا من المقايسة بين الخالق والمخلوق حيث يفرق بين الشكر والكفران لما له من الارتياح والاهتزاز والتلذذ بأحدهما دون الآخر
فإن قيل فإذا لم يجب النظر والمعرفة إلا بالشرع والشرع لا يستقر ما لم ينظر المكلف فيه فإذا قال المكلف للنبي إن العقل ليس يوجب على النظر والشرع لا يثبت عندي إلا بالنظر ولست أقدم على النظر أدى ذلك إلى إفحام الرسول صلى الله عليه وسلم قلنا هذا يضاهي قول القائل للواقف في موضع من المواضع إن وراءك سبعاً ضارياً فإن لم تبرح عن المكان قتلك وإن التفت وراءك ونظرت عرفت صدقي فيقول الواقف لا يثبت صدقك ما لم ألتفت ورائي ولا ألتفت ورائي ولا أنظر ما لم يثبت صدقك فيدل هذا على حماقة هذا القائل وتهدفه للهلاك ولا ضرر فيه على الهادي المرشد فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن وراءكم الموت ودونه السباع الضارية والنيران المحرقة إن لم تأخذوا منها حذركم وتعرفوا لي صدقي بالالتفات إلى معجزتي وإلا هلكتم فمن التفت عرف واحترز ونجا ومن لم يلتفت وأصر هلك وتردى ولا ضرر على إن هلك الناس كلهم أجمعون وإنما على البلاغ المبين فالشرع يعرف وجود السباع الضارية بعد الموت والعقل يفيد فهم كلامه والإحاطة بإمكان ما يقوله في المستقبل
والطبع يستحث على الحذر من الضرر ومعنى كون الشيء واجباً أن في تركه ضرراً ومعنى كون الشرع موجباً أنه معرف للضرر المتوقع فإن العقل لا يهدي إلى التهدف للضرر بعد الموت عند اتباع الشهوات فهذا معنى الشرع والعقل وتأثيرهما في تقدير الواجب ولولا خوف العقاب على ترك ما أمر به لم يكن الوجوب ثابتاً إذ لا معنى للواجب إلا ما يرتبط بتركه ضرر في الآخرة
الأصل التاسع أنه ليس يستحيل بعثه الأنبياء عليهم السلام خلافاً للبراهمة حيث قالوا لا فائدة في بعثتهم إذ في العقل مندوحة عنهم لأن العقل لا يهدي إلى الأفعال المنجية في الآخرة كما لا يهدي إلى الأدوية المفيدة للصحة فحاجة الخلق إلى الأنبياء كحاجتهم إلى الأطباء ولكن يعرف صدق الطبيب بالتجربة ويعرف صدق النبي بالمعجزة
الأصل العاشر أن الله سبحانه قد أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم خاتماً للنبيين وناسخاً لما قبله من شرائع اليهود والنصارى والصابئين وأيده بالمعجزات الظاهرة والآيات الباهرة كانشقاق القمر [1] وتسبيح الحصى [2] وإنطاق العجماء [3] وما تفجر من بين أصابعه من الماء
ومن آياته الظاهرة التي تحدى بها مع كافة العرب القرآن العظيم

[1] حديث انشقاق القمر متفق عليه من حديث أنس وابن مسعود وابن عباس
[2] حديث تسبيح الحصى أخرجه البيهقي في دلائل النبوة من حديث أبي ذر وقال صالح بن أبي الأخضر ليس بالحافظ والمحفوظ رواية رجل من بني سليم لم يسم عن أبي ذر
[3] حديث إنطاق العجماء أخرجه أحمد والبيهقي بإسناد صحيح من حديث يعلى بن مرة في البعير الذي شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أهله وقد ورد في كلام الضب والذئب والحمرة أحاديث رواها البيهقي في الدلائل
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست