responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 330
وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ
قَالَ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ لَوْ أَخْبَرْتُكَ بِهَا لَكَفَرْتَ.... يَعْنِي لَوْ أَخْبَرْتُكَ بِتَفْسِيرِهَا لَكَفَرْتَ بِهَا، وَكُفْرُكَ بِهَا تَكْذِيبُكَ بِهَا.
فَقَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ: إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ فِي هَذَا.
وَلِهَذَا لَيْسَ فِي الْإِنْجِيلِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِ مَلَكُوتِهِ، وَصِفَاتِ الْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَّا أُمُورٌ مُجْمَلَةٌ، وَكَذَلِكَ التَّوْرَاةُ لَيْسَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَّا أُمُورٌ مُجْمَلَةٌ، مَعَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ قَدْ مَهَّدَ لِأَمْرِ الْمَسِيحِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدَ قَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ: إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ رُوحُ الْحَقِّ فَذَاكَ الَّذِي يُرْشِدُكُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَيُخْبِرُكُمْ بِكُلِّ مَا يَأْتِي، وَبِجَمِيعِ مَا لِلرَّبِّ.
فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْفَارَقْلِيطَ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا دُونَ الْمَسِيحِ، وَكَذَلِكَ كَانَ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْشَدَ النَّاسَ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ حَتَّى أَكْمَلَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ وَأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ، وَلِهَذَا كَانَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَأْتِي بِهِ غَيْرُهُ، وَأَخْبَرَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ مَا يَأْتِي مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالصِّرَاطِ وَوَزْنِ الْأَعْمَالِ، وَالْجَنَّةِ وَأَنْوَاعِ نَعِيمِهَا، وَالنَّارِ وَأَنْوَاعِ عَذَابِهَا، وَلِهَذَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ تَفْصِيلُ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَهُوَ يَأْتِي بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ لَا تُوجَدُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَذَلِكَ تَصْدِيقُ قَوْلِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ يُخْبَرُ بِكُلِّ مَا يَأْتِي، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ صِدْقَ الْمَسِيحِ وَصِدْقَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ

اسم الکتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست