responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 241
الْحَوَارِيُّونَ، فَإِذَا جَازَ عَلَى الْيَهُودِ - وَفِيهِمُ الْأَحْبَارُ وَالْعُبَّادُ وَالزُّهَّادُ وَغَيْرُهُمْ - الْإِطْبَاقُ عَلَى جَحْدِ نُبُوَّةِ الْمَسِيحِ، وَالْكُفْرِ بِهِ مَعَ ظُهُورِ آيَاتِ صِدْقِهِ كَالشَّمْسِ، جَازَ عَلَيْهِمْ إِنْكَارُ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ عَلَى أُمَّةِ الضَّلَالِ الَّذِينَ هُمْ أَضَلُّ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَهُمُ النَّصَارَى أَوْلَى وَأَحْرَى.
فَهَذَا السُّؤَالُ الَّذِي أَوْرَدَهُ هَذَا السَّائِلُ وَارِدٌ بِعَيْنِهِ فِي حَقِّ كُلِّ نَبِيٍّ كَذَّبَتْهُ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ، فَإِنْ صَوَّبَ هَذَا السَّائِلُ رَأَى تِلْكَ الْأُمَمِ كُلِّهَا، فَقَدْ كَفَرَ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ. وَإِنْ قَالَ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأُمَمُ مَعَ كَثْرَتِهَا وَوُفُورِ عُقُولِهَا عَلَى الْبَاطِلِ، فَلَأَنْ يَكُونَ الْمُكَذِّبُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمُ الْأَقَلُّونَ الْأَرْذَلُونَ، مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ عَلَى الْبَاطِلِ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَأَيُّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ اعْتَبَرْتَهَا، وَجَدْتَ الْمُصَدِّقِينَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْهُورَهَا، وَأَقَلُّهَا وَأَرْذَلُهَا هُمُ الْجَاحِدُونَ لِنُبُوَّتِهِ، فَرُقْعَةُ الْإِسْلَامِ اتَّسَعَتْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا غَايَةَ الِاتِّسَاعِ بِدُخُولِ هَذِهِ الْأُمَمِ فِي دِينِهِ، وَتَصْدِيقِهِمْ بِرِسَالَتِهِ، وَبَقِيَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مِنْهُمْ فِي دِينِهِ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ أَقَلُّهَا.
وَأَيْنَ يَقَعُ النَّصَارَى الْمُكَذِّبُونَ بِرِسَالَتِهِ الْيَوْمَ مِنْ أُمَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ؟! وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ وَالْمَجُوسُ وَالصَّابِئُونَ لَا نِسْبَةً لِلْمُكَذِّبِينَ بِرِسَالَتِهِ بَعْدَ بَعْثِهِ إِلَى جُمْلَةِ تِلْكَ الْأُمَّةِ قَبْلَ بَعْثِهِ.
وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ الْأُمَمِ الَّتِي أَطْبَقَتْ عَلَى تَكْذِيبِ الرُّسُلِ وَدَمَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ.
فَأَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ تَطَابَقُوا عَلَى تَكْذِيبِ رُسُلِهِمْ وَأَنَّهُ عَمَّهُمْ بِالْإِهْلَاكِ، وَقَالَ تَعَالَى: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ.

اسم الکتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست