responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 230
وَفَاضَ ذَلِكَ حَتَّى عَمَّ النَّوَاحِيَ وَالْآفَاقَ، وَانْشَقَّ الْقَمَرُ أَتَمَّ الِانْشِقَاقِ، وَقَامَ دِينُ اللَّهِ الْحَنِيفُ عَلَى سَاقٍ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ الَّذِي أَنْقَذَنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ، وَفَتَحَ لَنَا بِهِ بَابَ الْهُدَى فَلَا يُغْلَقُ إِلَى يَوْمِ الْمِيقَاتِ، وَأَرَانَا فِي نُورِهِ أَهْلَ الضَّلَالِ وَهُمْ فِي ضَلَالِهِمْ يَتَخَبَّطُونَ، وَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ، وَفِي جَهَالَتِهِمْ يَتَقَلَّبُونَ، وَفِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ، يُؤْمِنُونَ وَيَعْدِلُونَ وَلَكِنْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، وَيَعْمَلُونَ وَلَكِنْ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ وَيَسْجُدُونَ وَلَكِنْ لِلصَّلِيبِ، وَالْوَثَنِ وَالشَّمْسِ يَسْجُدُونَ، وَيَمْكُرُونَ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغْنَانَا بِشَرِيعَتِهِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَتَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، فَلَهُ الْمِنَّةُ وَالْفَضْلُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا وَآثَرَنَا بِهِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَإِلَيْهِ الرَّغْبَةُ أَنْ يُوَزِعَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ، وَأَنْ يَفْتَحَ لَنَا أَبْوَابَ التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَأَحَبُّ الْوَسَائِلِ إِلَى الْمُحْسِنِ التَّوَسُّلُ إِلَيْهِ بِإِحْسَانِهِ، وَالِاعْتِرَافُ لَهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ مَحْضُ فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ، فَلَهُ عَلَيْنَا النِّعْمَةُ السَّابِغَةُ، كَمَا لَهُ عَلَيْنَا الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، نَبُوءُ لَهُ بِنِعَمِهِ عَلَيْنَا، وَنَبُوءُ بِذُنُوبِنَا وَخَطَايَانَا، وَجَهْلِنَا وَظُلْمِنَا، وَإِسْرَافِنَا فِي أَمْرِنَا، فَهَذِهِ بِضَاعَتُنَا الَّتِي لَدَيْنَا، لَمْ تَبْقَ لَنَا، وَنِعَمُهُ وَحُقُوقُهَا وَذُنُوبُنَا حَسَنَةٌ نَرْجُو بِهَا الْفَوْزَ بِالثَّوَابِ وَالتَّخَلُّصَ مِنْ أَلِيمِ الْعِقَابِ، بَلْ بَعْضُ ذَلِكَ يُنْفِذُ جَمِيعَ حَسَنَاتِنَا، وَيَسْتَوْعِبُ كُلَّ طَاعَتِنَا، هَذَا لَوْ خَلَصَتْ مِنَ

اسم الکتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست