responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 30
عَنهُ ومُوسَى اعظم قدرا من ان يلومه على ان اخْرُج نَفسه وَذريته من بُسْتَان فِي الارض قَالُوا وَكَذَلِكَ قَول آدم يَوْم الْقِيَامَة لما يرغب اليه النَّاس ان يستفتح لَهُم بَاب الْجنَّة فَيَقُول وَهل اخرجكم مِنْهَا الا خَطِيئَة ابيكم فَإِن ظُهُور هَذَا فِي كَونهَا جنَّة الْخلد وانه اعتذر لَهُم بانه لَا يحسن مِنْهُ ان يستفتحها وَقد اخْرُج مِنْهَا بخطيئته من اظهر الادلة قَالَ الاولون اما قَوْلكُم ان من قَالَ انها جنَّة فِي الارض فَهُوَ من المتفلسفة والملحدين والمعتزلة اَوْ من اخوانهم فقد اوجدناكم من قَالَ بِهَذَا وَلَيْسَ من اُحْدُ من هَؤُلَاءِ ومشاركة أهل الْبَاطِل للمحق فِي المسئلة لَا يدل على بُطْلَانهَا وَلَا تكون اضافتها لَهُم مُوجبَة لبطلانها مَا لم يخْتَص بهَا فَإِن اردتم أَنه لم يقل بذلك إِلَّا هَؤُلَاءِ فَلَيْسَ كَذَلِك وَإِن اردتم ان هَؤُلَاءِ من جملَة القائمين بِهَذَا لم يفدكم شَيْئا قَالُوا وَأما قَوْلكُم وَسلف الامة وأئمتها متفقون على بطلَان هَذَا القَوْل فَنحْن نطالبكم بِنَقْل صَحِيح عَن وَاحِد من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ من ائمة السّلف فضلا عَن اتِّفَاقهم قَالُوا وَلَا يُوجد عَن صَاحب وَلَا تَابع وَلَا تَابع تَابع خبر يَصح مَوْصُولا وَلَا شاذا وَلَا مَشْهُورا ان النَّبِي قَالَ ان الله تَعَالَى اسكن آدم جنَّة الْخلد الَّتِي هِيَ دَار الْمُتَّقِينَ يَوْم الْمعَاد قَالُوا وَهَذَا القَاضِي مُنْذر بن سعيد قد حكى عَن غير وَاحِد من السّلف انها لَيست جنَّة الْخلد فَقَالَ وَنحن نوجدكم ان ابا حنيفَة فَقِيه الْعرَاق وَمن قَالَ بقوله قد قَالُوا ان جنَّة آدم الَّتِي خلقهَا الله لَيست جنَّة الْخلد وَلَيْسوا عِنْد أحد من الْعَالمين من الشاذين بل من رُؤَسَاء الْمُخَالفين وَهَذِه الدَّوَاوِين مشحونة من علومهم وَقد ذكرنَا قَول ابْن عُيَيْنَة وَقد ذكر ابْن مزين فِي تَفْسِيره قَالَ سَأَلت ابْن نَافِع عَن الْجنَّة أمخلوقة فَقَالَ السُّكُوت عَن هَذَا افضل قَالُوا فَلَو كَانَ عِنْد ابْن نَافِع ان الحنة الَّتِي اسكنها آدم هِيَ جنَّة الْخلد لم يشك انها مخلوقة وَلم يتَوَقَّف فِي ذَلِك وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كِتَابه غَرِيب الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى وَقُلْنَا اهبطوا مِنْهَا قَالَ ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا فِي رِوَايَة ابي صَالح هُوَ كَمَا يُقَال هَبَط فلَان ارْض كَذَا وَكَذَا وَلم يذكر فِي كِتَابه غَيره فَأَيْنَ اجماع سلف الامة وأئمتها قَالُوا واما احتجاجكم بقوله تَعَالَى وَلكم فِي الارض مُسْتَقر عقيب قَوْله اهبطوا فَهَذَا لَا يدل على انهم كَانُوا فِي جنَّة الْخلد فان اُحْدُ الاقوال فِي المسئلة انها كَانَت جنَّة فِي السَّمَاء غير جنَّة الْخلد كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ فِي تفسره وَقد تقدم وَأَيْضًا فَإِن قَوْله وَلكم فِي الارض مُسْتَقر يدل على ان لَهُم مُسْتَقرًّا الى حِين فِي الارض المنقطعة عَن الْجنَّة وَلَا بُد فَإِن الْجنَّة ايضا لَهَا ارْض قَالَ تَعَالَى عَن اهل الْجنَّة وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوأ من الْجنَّة حَيْثُ نشَاء فَنعم اجْرِ العاملين فَدلَّ على ان قَوْله وَلكم فِي الارض مُسْتَقر المُرَاد بِهِ الارض الخالية من

اسم الکتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست