responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 387
يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ مُتَنَاوِلًا لَهُ لَمَا تَوَعَّدَهُ بِإِحْبَاطِ عَمَلِهِ، وَتَشْبِيهِهِ بِمَنْ سُلِبَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَبَقِيَ بِلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ.
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ لَا يُظَنُّ بِالشَّرْعِ تَخْفِيفُهُ عَنْ هَذَا الْعَامِدِ الْمُفَرِّطِ بِعَدَمِ إِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ، وَتَكْلِيفِ الْمَعْذُورِ بِهِ، فَكَلَامٌ بَعِيدٌ عَنِ التَّحْقِيقِ بَيْنَ الْبُطْلَانِ، فَإِنَّ هَذَا الْمَعْذُورَ إِنَّمَا فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فِي وَقْتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ فِي فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ كَغَيْرِ الْمَعْذُورِ الَّذِي صَلَّى فِي وَقْتِهِ، وَنَحْنُ لَمْ نُسْقِطِ الْقَضَاءَ عَنِ الْعَامِدِ الْمُفَرِّطِ تَخْفِيفًا عَنْهُ، بَلْ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَافِعٍ لَهُ وَلَا مَقْبُولٍ مِنْهُ وَلَا مَأْمُورٍ بِهِ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ مَا تَرَكَهُ، فَأَيْنَ التَّخْفِيفُ عَنْهُ؟ .
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الصَّلَاةَ خَارِجَ الْوَقْتِ بَدَلٌ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الْمُبْدَلُ انْتُقِلَ إِلَى بَدَلِهِ، فَهَلْ هَذَا إِلَّا مُجَرَّدَ دَعْوَى؟ وَهَلْ وَقَعَ النِّزَاعُ إِلَّا فِي هَذَا؟ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ هَذَا الْمُفَرِّطِ الْعَامِدِ بَدَلٌ؟ وَنَحْنُ نُطَالِبُكُمْ بِالْأَمْرِ بِهَا أَوَّلًا، وَبِكَوْنِهَا مَقْبُولَةً نَافِعَةً ثَانِيًا، وَبِكَوْنِهَا بَدَلًا ثَالِثًا، وَلَا سَبِيلَ لَكُمْ إِلَى إِثْبَاتِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْبَتَّةَ.
وَإِنَّمَا يُعْلَمُ كَوْنُ الشَّيْءِ بَدَلًا بِجَعْلِ الشَّارِعِ لَهُ كَذَلِكَ، كَشَرْعِهِ التَّيَمُّمَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَالْإِطْعَامَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الصِّيَامِ وَبِالْعَكْسِ، كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَأَيْنَ جَعَلَ الشَّرْعُ قَضَاءَ هَذَا الْمُفَرِّطِ الْمُضَيِّعِ بَدَلًا عَنْ فِعْلِهِ الْعِبَادَةَ فِي الْوَقْتِ؟ وَهَلْ ذَلِكَ إِلَّا الْقِيَاسُ الَّذِي قَدْ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ؟ .
قَالُوا: وَأَمَّا قِيَاسُكُمْ فِعْلَهَا خَارِجَ الْوَقْتِ عَلَى صِحَّةِ أَدَاءِ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ بَعْدَ وَقْتِهَا فَمِنْ هَذَا النَّمَطِ; لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ لَيْسَ مَحْدُودَ الطَّرَفَيْنِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ، فَالْوُجُوبُ فِي حَقِّهِ لَيْسَ مُؤَقَّتًا مَحْدُودًا، بَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ عَلَى الْفَوْرِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إِخْرَاجٌ عَنْ وَقْتٍ مَحْدُودٍ هُوَ شَرْطٌ لِفِعْلِهِ.
نَعَمْ أَوْلَى الْأَوْقَاتِ بِهِ الْوَقْتُ الْأَوَّلُ عَلَى الْفَوْرِ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ قَضَاءً.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ مَحْدُودٌ عَلَى جِهَةِ التَّوْسِعَةِ بِمَا بَيْنَ رَمَضَانَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ، وَمَعَ هَذَا لَوْ أَخَّرَهُ لَزِمَهُ فِعْلُهُ وَإِطْعَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ الْمُؤَقَّتَةَ لَا يَتَعَذَّرُ فِعْلُهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا الْمَحْدُودِ لَهَا شَرْعًا؟ .
قِيلَ: قَدْ فَرَّقَ الشَّارِعُ بَيْنَ أَيَّامِ رَمَضَانَ وَبَيْنَ أَيَّامِ الْقَضَاءِ، فَجَعَلَ أَيَّامَ رَمَضَانَ

اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست