responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 384
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ مَرْدُودَةٌ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ وَلَا مَقْبُولَةٍ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ فِي سُقُوطِ الْإِثْمِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ، فَكَانَ شَرْطًا فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالصِّحَّةِ كَسَائِرِ شُرُوطِهَا مِنَ الطَّهَارَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ فَالْأَمْرُ تَنَاوَلَ الشُّرُوطَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا فَكَيْفَ سَاغَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا مَعَ اسْتِوَائِهَا فِي الْوُجُوبِ وَالْأَمْرِ وَالشَّرْطِيَّةٍ؟ .
قَالُوا: وَلَيْسَ مَعَ الْمُصَحِّحِينَ لَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَا نَصٌّ وَلَا إِجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ، وَسَنُبْطِلُ جَمِيعَ أَقْيِسَتِهِمُ الَّتِي قَاسُوا عَلَيْهَا وَنُبَيِّنُ فَسَادَهَا.
قَالُوا: وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَقْضِهِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ» فَكَيْفَ يُقَالُ يَقْضِيهِ عَنْهُ يَوْمٌ مِثْلُهُ؟ .
قَالُوا: وَلِأَنَّ صِحَّةَ الْعِبَادَةِ إِنْ فُسِّرَتْ بِمُوَافَقَةِ الْأَمْرِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لَهُ فَلَا تَكُونُ صَحِيحَةً، وَإِنْ فُسِّرَتْ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا يُسْقِطُ الْقَضَاءَ مَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهَذَا لَمْ يَقَعْ كَذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إِلَى وُقُوعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى صِحَّتِهِ، وَإِنْ فُسِّرَتْ بِمَا أَبْرَأَ الذِّمَّةَ فَهَذِهِ لَمْ تُبْرِئِ الذِّمَّةَ مِنَ الْإِثْمِ قَطْعًا، وَلَمْ يَثْبُتْ بِدَلِيلٍ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ إِبْرَاؤُهَا لِلذِّمَّةِ مِنْ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَأْمُورِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ وَرَضِيَهُ وَقَبِلَهُ، وَهَذَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِإِخْبَارِهِ عَنْ صِحَّتِهَا أَوْ بِمُوَافَقَتِهَا أَمْرَهُ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ عَنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ لَهَا بِالصِّحَّةِ؟ .
قَالُوا: فَالصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ مَرْجِعُهُمَا إِلَى الشَّارِعِ، فَالصَّحِيحُ مَا شَهِدَ لَهُ بِالصِّحَّةِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَافَقَ أَمْرَهُ أَوْ كَانَ مُمَاثِلًا لِمَا شَهِدَ لَهُ بِالصِّحَّةِ فَيَكُونُ حُكْمُ الْمِثْلِ مِثْلَهُ، وَهَذِهِ الْعِبَادَةُ قَدِ انْتَفَى عَنْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ.
وَمِنْ أَفْسَدِ الِاعْتِبَارِ اعْتِبَارُهَا بِالتَّأْخِيرِ الْمَعْذُورِ بِهِ أَوِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ

اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 384
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست