responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 80
بِذَلِكَ فِي قُلُوبِ الْجُهَّالِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ تَعْظِيمَ كَلَامِ مَنْ يَعْظُمُ قَدْرُهُ فِي نُفُوسِهِمْ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيُقَدِّمُونَ كَلَامَهُ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيَقُولُونَ: هُوَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنَّا، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ تَوَصَّلَ الرَّافِضَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ وَالنُّصَيْرِيَّةُ إِلَى تَرْوِيجِ بَاطِلِهِمْ وَتَأْوِيلَاتِهِمْ حَتَّى أَضَافُوهَا إِلَى بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ وَتَعْظِيمِهِمْ، فَانْتَمَوْا إِلَيْهِمْ وَأَظْهَرُوا مِنْ مَحَبَّتِهِمْ وَإِجْلَالِهِمْ وَذِكْرِ مَنَاقِبِهِمْ مَا خَيَّلَ إِلَى السَّامِعِ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ، ثُمَّ نَفَّقُوا بَاطِلَهُمْ بِنِسْبَتِهِ إِلَيْهِمْ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَمْ مِنْ زَنْدَقَةٍ وَإِلْحَادٍ وَبِدْعَةٍ قَدْ نَفَقَتْ فِي الْوُجُودِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَهُمْ بُرَآءُ مِنْهَا.
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذَا السَّبَبَ رَأَيْتَهُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَكْثَرِ النُّفُوسِ، فَلَيْسَ مَعَهُمْ سِوَى إِحْسَانِ الظَّنِّ بِالْقَائِلِ بِلَا بُرْهَانٍ مِنَ اللَّهِ قَادَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَهَذَا مِيرَاثٌ بِالتَّعْصِيبِ مِنَ الَّذِينَ عَارَضُوا دِينَ الرُّسُلِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ وَالْأَسْلَافُ، وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مُقَلِّدٍ لِمَنْ يُعَظِّمُهُ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ الْحَقَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

[فَصْلٌ أَهْلَ التَّأْوِيلِ لَا يُمْكِنُهُمْ إِقَامَةَ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ عَلَى مُبْطِلٍ أَبَدًا وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الآفَاتِ]
فَصْلٌ
فِي بَيَانِ أَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ لَا يُمْكِنُهُمْ إِقَامَةَ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ عَلَى مُبْطِلٍ أَبَدًا وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ آفَاتِ التَّأْوِيلِ
مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مُبْطِلٍ أَنْكَرَ عَلَى خَصْمِهِ شَيْئًا مِنَ الْبَاطِلِ قَدْ شَارَكَهُ فِي بَعْضِهِ أَوْ نَظِيرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَحْضِ حُجَّتِهِ لِأَنَّ خَصْمَهُ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا تَسَلَّطَ هُوَ بِهِ عَلَيْهِ.
مِثَالُهُ: أَنْ يَحْتَجَّ مَنْ يَتَأَوَّلُ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ وَآيَاتِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْعُلُوِّ عَلَى مَنْ يُنْكِرُ ثُبُوتَ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى ثُبُوتِهَا، فَيَقُولُ لَهُ خَصْمَهُ: هَذِهِ عِنْدِي مُؤَوَّلَةٌ كَمَا أَوَّلْتَ نُصُوصَ الِاسْتِوَاءِ وَالْفَوْقِيَّةِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالنُّزُولِ وَالضَّحِكِ وَالْفَرَحِ وَالْغَضَبِ وَالرِّضَى وَنَحْوَهَا، فَمَا الَّذِي جَعَلَكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِكَ مِنِّي؟ فَلَا يَذْكُرُ سَبَبًا عَلَى التَّأْوِيلِ إِلَّا أَتَاهُ خَصْمُهُ بِسَبَبٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ أَوْ دُونَهُ، وَإِذَا اسْتَدَلَّ الْمُتَأَوِّلُ عَلَى مُنْكِرِي الْمَعَادِ وَحَشْرِ الْأَجْسَامِ بِنُصُوصِ الْوَحْيِ أَبْدَوْا لَهَا تَأْوِيلَاتٍ تُخَالِفُ ظَاهِرَهَا وَحَقَائِقَهَا، وَقَالُوا لِمَنِ اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَيْهِمْ: تَأْوِيلُنَا لِهَذِهِ الظَّوَاهِرِ كَتَأْوِيلِكَ لِنُصُوصِ الصِّفَاتِ، وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّهَا أَكْثَرُ وَأَصْرَحُ، فَإِذَا تَطَرَّقَ التَّأْوِيلُ إِلَيْهَا فَهُوَ إِلَى مَا دُونَهَا أَقْرَبُ تَطَرُّقًا، وَإِذَا اسْتَدَلَّ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست