responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 612
وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِهَذَا اسْتِبْعَادَ وُجُودِ الْإِجْمَاعِ، وَلَكِنَّ أَحْمَدَ وَأَئِمَّةَ الْحَدِيثِ بُلُوا بِمَنْ كَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِمُ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهَا، فَبَيَّنَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى كَذِبٌ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّ السُّنَنِ بِمِثْلِهَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ عَنْهُ مَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ نِزَاعٌ لَيْسَ إِجْمَاعًا، وَقَالَ أَيْضًا: وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى مُنَازِعِهِ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ وَبَيَّنَ بُطْلَانَهَا.
قَالَ: فَهَلْ مِنْ إِجْمَاعٍ؟ قُلْتُ نَعَمْ بِحَمْدِ اللَّهِ كَثِيرٌ فِي جَهْلِ الْفَرَائِضِ الَّتِي لَا يَسَعُ جَهْلُهَا وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي إِذَا قُلْتَ: (أَجْمَعَ النَّاسُ) لَمْ تَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُ شَيْئًا يَقُولُ لَكَ: لَيْسَ هَذَا بِإِجْمَاعٍ فِيهَا وَفِي أَشْيَاءَ مِنْ أُصُولِ الْعِلْمِ دُونَ فُرُوعِهِ وَدُونَ الْأُصُولِ غَيْرِهَا.
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ قَدِ ادَّعَى بَعْضُ أَصْحَابِكَ الْإِجْمَاعَ بِالْمَدِينَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا قُلْتُ وَسَمِعَتُ أَهْلَ الْعِلْمِ غَيْرَكَ فِي كُلِّ بَلَدٍ يَقُولُونَ فِيمَا ادُّعِيَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا أَذْكُرُ قَوْلَهُ إِلَّا عَاتِبًا لِذَلِكَ، وَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدِي لَمَعِيبٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَوَمَا كَفَاكَ عَيْبُ الْإِجْمَاعِ أَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ إِلَّا فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحَدٌ إِنْ كَانَ أَهْلُ زَمَانِكَ هَذَا، قَالَ: فَقَدِ ادَّعَاهُ بَعْضُكُمْ أَفَحَمِدْتَ مَا ادَّعَاهُ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَكَيْفَ صِرْتَ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ فِيمَا ذَمَمْتَ فِي أَكْثَرِ مَا عِبْتَ، إِلَّا يُسْتَدَلُّ مِنْ طَرِيقِكَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ هُوَ تَرْكُ ادِّعَاءِ الْإِجْمَاعِ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَئِمَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَزَالُوا يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ رَدَّ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ بِهَا قَائِلًا وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ إِجْمَاعٌ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنْ يُعْلَمَ مَنْ عَمِلَ بِهِ مِنَ الْأُمَّةِ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ، وَلَا يُمْكِنْ أَنْ تَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ الْبَتَّةَ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الْأُمَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ وَإِنْ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُهُ.

[فصل ليس في السنة ما يخالف القرآن]
فَصْلٌ
وَنَحْنُ نَقُولُ قَوْلًا كُلِّيًّا نُشْهِدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ وَمَلَائِكَتَهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَلَا مَا يُخَالِفُ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ، بَلْ كَلَامُهُ بَيِّنٌ لِلْقُرْآنِ وَتَفْسِيرٌ لَهُ وَتَفْصِيلٌ لِمَا أَجْمَلَهُ، وَكُلُّ حَدِيثِ مَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقُرْآنِ مُطَابِقٌ لَهُ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبُولِهِ وَنَهَى عَنْ رَدِّهِ بِقَوْلِهِ: " «لَا أَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» "، فَهَذَا الَّذِي وَقَعَ مِنْ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 612
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست