responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 566
وَالْخَطَأِ فِيمَا نَقَلُوهُ إِلَى الْأُمَّةِ وَتَلَقَّاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِالْقَبُولِ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ، عَنْهُمْ كَذَلِكَ، وَقَامَتْ شَوَاهِدُ صِدْقِهِمْ فِيهِ، فَهَذَا الْمُخْبِرُ يَقْطَعُ بِصِدْقِ الْمُخْبِرِ وَيُفِيدُهُ خَبَرُهُ الْعِلْمَ وَالْيَقِينَ لِمَعْرِفَتِهِ بِحَالِهِ وَسِيرَتِهِ، وَنَوْعٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِحَالِ الْمُخْبِرِينَ مَا عِنْدَ أُولَئِكَ، فَهَؤُلَاءِ قَدْ لَا يُفِيدُهُمْ خَبَرُهُمُ الْيَقِينَ، فَإِذَا انْضَمَّ عَمَلُ الْمُخْبِرِ وَعِلْمُهُ بِحَالِ الْمُخْبِرِ وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَنِسْبَةُ ذَلِكَ الْخَبَرِ إِلَيْهِ، أَفَادَ ذَلِكَ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِصِحَّةِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، وَهَذَا فِي إِفَادَةِ الْعِلْمِ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ رَجُلٍ مُبْرَزٍ فِي الصِّدْقِ وَالتَّحَفُّظِ، عَنْ رَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِغَايَةِ الْإِحْسَانِ وَالْجُودِ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ مُعْدِمٌ فَقِيرٌ مَا يُغْنِيهِ؟ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ، وَظَهَرَتْ شَوَاهِدُ تِلْكَ الْعَطِيَّةِ عَلَى الْفَقِيرِ، فَكَيْفَ إِذَا تَعَدَّدَ الْمُخْبِرُونَ عَنْهُ وَكَثُرَتْ رِوَايَاتُهُمْ وَأَحَادِيثُهُمْ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَعَطَايَا مُتَنَوِّعَةٍ فِي أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

[كلام الإمام ابن حزم في أن خبر الواحد يفيد العلم قطعا]
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ أَخْبَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُفِيدُ الْعِلْمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] فَصَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُورٌ بِبَيَانِ الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ، وَفِي الْقُرْآنِ مُجْمَلٌ كَثِيرٌ، كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ مَا أَلْزَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بِلَفْظِهِ، لَكِنْ بِتِبْيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ بَيَانُهُ لِذَلِكَ الْمُجْمَلِ مَحْفُوظًا وَلَا مَضْمُونًا سَلَامَتُهُ مِمَّا لَيْسَ مِنْهُ فَقَدْ بَطَلَ الِانْتِفَاعُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَبَطَلَتْ أَكْثَرُ الشَّرَائِعِ الْمُفْتَرَضَةِ عَلَيْنَا فِيهِ إِذَا لَمْ نَدْرِ صَحِيحَ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا مِمَّا أَخْطَأَ فِيهِ الْمُخْطِئُ أَوْ تَعَمَّدَ فِيهِ الْكَذِبَ الْكَاذِبُ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا.
قَالَ: وَأَيْضًا فَنَقُولُ لِمَنْ قَالَ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ عَنْ مِثْلِهِ مُبَلِّغًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ تَعَمُّدُ الْكَذِبِ وَالْوَهْمُ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونِ الْحِفْظِ: أَخْبِرُونَا هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكُمْ شَرِيعَةُ فَرْضٍ أَوْ تَحْرِيمٍ أَتَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَاتَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ لَازِمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، فَجُهِلَتْ حَتَّى لَا يَعْلَمَهَا عِلْمَ الْيَقِينِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الْعَالَمِ أَبَدًا؟ وَهَلْ يُمْكِنُ عِنْدَكُمْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَوْضُوعٍ بِالْكَذِبِ أَوْ بِخَطَأٍ بِالْوَهْمِ قَدْ جَاوَزَ وَمَضَى وَاخْتَلَطَ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ اخْتِلَاطًا لَا يَجُوزُ أَنْ يُمَيِّزَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الْعَالَمِ أَبَدًا، أَمْ لَا يُمْكِنُ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا يُمْكِنَانِ أَبَدًا بَلْ قَدْ أَمِنَّا ذَلِكَ، صَارُوا إِلَى قَوْلِنَا وَقَطَعُوا أَنَّ كُلَّ خَبَرٍ رَوَاهُ الثِّقَةُ عَنِ الثِّقَةِ مُسْنَدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّيَانَةِ فَإِنَّهُ حَقٌّ، قَدْ قَالَهُ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 566
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست