responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 551
حُصُولَهُ لِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي حُصُولِهِ لِغَيْرِهِمْ، وَإِنْ أَنْكَرُوا حُصُولَهُ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ كَانُوا مُكَابِرِينَ لَهُمْ عَلَى مَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ نُفُوسِهِمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُكَابِرُ غَيْرَهُ عَلَى مَا يَجِدُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ فَرَحِهِ وَأَلَمِهِ، وَخَوْفِهِ وَحُبِّهِ، وَالْمُنَاظَرَةُ إِذَا انْتَهَتْ إِلَى هَذَا الْحَدِّ لَمْ يَبْقَ فِيهَا فَائِدَةٌ، وَيَنْبَغِي الْعُدُولُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الْمُبَاهَلَةِ، قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61]

[فصل التفصيل في خبر الواحد وأنه ليس سواء]
فَصِلٌ
خَبَرُ الْوَاحِدِ بِحَسَبِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ، فَتَارَةً يُجْزَمُ بِكَذِبِهِ لِقِيَامِ دَلِيلِ كَذِبِهِ وَتَارَةً يُظَنُّ كَذِبُهُ إِذَا كَانَ دَلِيلُ كَذِبِهِ ظَنِّيًّا، وَتَارَةً يُتَوَقَّفُ فِيهِ فَلَا يَتَرَجَّحُ صِدْقُهُ وَلَا كَذِبُهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ أَحَدِهِمَا، وَتَارَةً يَتَرَجَّحُ صِدْقُهُ وَلَا يُجْزَمُ بِهِ، وَتَارَةً يُجْزَمُ بِصِدْقِهِ جَزْمًا لَا يَبْقَى مَعَهُ شَكٌّ، فَلَيْسَ خَبَرٌ وَاحِدٌ يُفِيدُ الْعِلْمَ وَلَا الظَّنَّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْفَى عَنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا أَنَّهُ يَحْصُلُ الْعِلْمُ، فَلَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَإِلَّا اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ، بَلْ نَقُولُ خَبَرُ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي مَوَاضِعَ:
أَحَدُهَا: خَبَرُ مَنْ قَامَ الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَهُوَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ جَلَّ وَعَلَا وَخَبَرُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَا يُخْبِرُ بِهِ.
الثَّانِي: خَبَرُ الْوَاحِدِ بِحَضْرَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَدِّقُهُ كَخَبَرِ الْمُخْبِرِ الَّذِي أَخْبَرَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «أَنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ " فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ» ، وَكَخَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى السَّدَّ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ فَقَالَ: " قَدْ رَأَيْتُهُ " وَمِنْ هَذَا تَرْتِيبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَبَرِ الْمُخْبِرِ لَهُ مُقْتَضَاهُ كَغَزْوِ مَنْ أَخْبَرَهُ بِنَقْضِ قَوْمٍ الْعَهْدَ وَخَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَتَمَهُ وَنَالَ مِنْ عِرْضِهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ.
فَهَذَا تَصْدِيقٌ لِلْمُخْبِرِ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ بِصِدْقِ أَصْحَابِهِ كَمَا قَطَعَ بِصِدْقِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِقِصَّةِ الدَّجَّالِ، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَلَمْ يَقُلْ أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَنِ اللَّهِ، بَلْ قَالَ: (حَدَّثَنِي تَمِيمٌ الدَّارِيُّ) وَمَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالسُّنَّةِ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 551
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست