responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 529
وَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ: لَمْ يَزَلِ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا بِصَوْتِهِ إِذَا شَاءَ.
وَالَّذِينَ قَالُوا: لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ فِرْقَتَانِ: أَصْحَابُ الْفَيْضِ، وَالْقَائِلُونَ إِنَّ الْكَلَامَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالنَّفْسِ.
وَاخْتَلَفَتِ الطَّوَائِفُ فِي مُسَمَّى الْكَلَامِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعْنَى، مَجَازٌ فِي اللَّفْظِ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَلْفَاظِ، مَجَازٌ فِي الْمَعْنَى، وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، فَإِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّفْظِ وَحْدَهُ حَقِيقَةٌ، وَعَلَى الْمَعْنَى وَحْدَهُ حَقِيقَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ الْكَلَامُ حَقِيقَةٌ فِي الْأَمْرَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءُ مُسَمَّاهُ فَدَلَالَتُهُ عَلَيْهِمَا بِطَرِيقِ الْمُطَابَقَةِ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُفْرَدِهِ بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُقَلَاءِ، فَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الِاسْمَ لِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا اسْتَحَقَّ اسْمَ الْإِنْسَانِ لِجِسْمِهِ وَنَفْسِهِ، فَمَجْمُوعُهُمَا هُوَ الْإِنْسَانُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي النَّفْسِ، مَجَازٌ فِي الْبَدَنِ، وَعَكَسَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إِنَّهُ إِنْسَانٌ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ اسْمٌ لِهَذِهِ الذَّاتِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ، فَهَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي النَّاطِقِ وَنُطْقِهِ.

[فصل هل يمكن وجود حرف نطقي بلا صوت]
فَصْلٌ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ صَوْتٌ بِلَا حَرْفٍ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُمْكِنُ وُجُودُ حَرْفٍ نُطْقِيٍّ بِلَا صَوْتٍ؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ أُصُولِيَّةٌ يُبْنَى عَلَيْهَا أَنَّ كَلَّ مَوْضِعٍ اعْتُبِرَ فِيهِ النُّطْقُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ أَوْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهَا، فَشَرَطَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا أَقْوَى، فَإِنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ تُمَيِّزُ الْحُرُوفَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَوْتٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ بِحُرُوفِهِ مَقْدُورٌ دَاخِلٌ تَحْتَ النَّهْيِ.

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 529
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست