responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 525
وَقَالَ: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 1] أَوَ لَيْسَ الْحِبْرُ وَالْوَرَقُ قَبْلَ ظُهُورِ الْحُرُوفِ الْمَكْتُوبَةِ لَا يُمْنَعُ مِنْ مَسِّهِ الْمُحْدِثُونَ، وَإِذَا ظَهَرَتِ الْحُرُوفُ الْمَكْتُوبَةُ صَارَ {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] أَلَيْسَ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي قَالَ فِيهِ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ تَنْزِيلًا وَتَجْلِيلًا: " «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ» "، أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] وَقَالَ فِي حَقِّ مُوسَى {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} [الأعراف: 145] أَفَتَرَى مِنَ الْقُوَّةِ تَهْوِينَهَا عِنْدَ الْمُكَلَّفِينَ، وَالِازْدِرَاءَ بِهَا عِنْدَ الْمُتَخَلِّفِينَ، يُزَخْرِفُونَ لِلْعَوَامِّ عِبَارَةً يَتَوَقَّوْنَ بِهَا إِنْكَارَهُمْ وَيَدْفِنُونَ فِيهَا مَعْنًى لَوْ فَهِمَهُ النَّاسُ لَعَجَّلُوا بَوَارَهُمْ، وَيَقُولُونَ: تِلَاوَةٌ وَمَتْلُوٌّ وَقِرَاءَةٌ وَمَقْرُوءٌ، وَكِتَابَةٌ وَمَكْتُوبٌ، هَذِهِ الْكِتَابَةُ مَعْلُومَةٌ فَأَيْنَ الْمَكْتُوبُ؟ وَهَذِهِ التِّلَاوَةُ مَسْمُوعَةٌ فَأَيْنَ الْمَتْلُوُّ؟ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ عِنْدَنَا قَدِيمٌ قَائِمٌ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ زَخَارِفُ لَبَّسُوا بِهَا ضَلَالَتَهُمْ، وَإِلَّا فَالْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ عِنْدَهُمْ لَا مَحَالَةَ، فَقَدِ انْكَشَفَ لِلْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ يُقَدِّمُونَ رِجْلًا نَحْوَ الِاعْتِزَالِ فَلَا يَتَجَاسَرُونَ، وَيُؤَخِّرُونَ أُخْرَى نَحْوَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِيَسْتَتِرُوا فَلَا يَتَظَاهَرُونَ، إِنْ قُلْنَا لَهُمْ مَا مَذْهَبُكُمْ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالُوا: قَدِيمٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِنْ قُلْنَا فَمَا الْقُرْآنُ أَلَيْسَ هُوَ السُّوَرُ الْمُسَوَّرَةُ وَالْآيَاتُ الْمُسَطَّرَةُ فِي الصُّحُفِ الْمُطَهَّرَةِ، أَلَيْسَ هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي صُدُورِ الْحَافِظِينَ، أَلَيْسَ هُوَ الْمَسْمُوعُ مِنْ أَلْسِنَةِ التَّالِينَ؟ قَالُوا: إِنَّمَا هُوَ حِكَايَتُهُ وَمَا أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ عِبَارَتُهُ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَهُوَ قَائِمٌ فِي نَفْسِ الْحَقِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي إِحْسَاسِ الْخَلْقِ فَانْظُرُوا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَقَالَةِ الْمُعْتَزِلَةِ كَيْفَ جَاءُوا بِهَا فِي صُورَةٍ أُخْرَى.
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِهَذَا الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَائِيلُ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى قَلْبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِهِ حَقًّا فَسَمِعَهُ مِنْهُ جَبْرَائِيلُ، فَأَدَّاهُ إِلَى رَسُولِهِ فَأَدَّاهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْأُمَّةِ.

[فصل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك]
فَصْلٌ
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَوَّلُ مَا ظَهَرَ إِنْكَارُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا ظَهَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ فِي إِمَارَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَأْمُونِ وَأَدْخَلَتْهُ فِي آرَائِهَا بَعْدَ أَنْ كَانُوا أَذِلَّاءَ مَقْمُوعِينَ، وَهَؤُلَاءِ كَانَ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ أَصْلًا بِحَرْفٍ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 525
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست