responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 472
وَمَنْ أَنَا حَتَّى أَقُولَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَلَّغَهُ الْأُمَّةَ، فَقَالَ لَهُ الْجَهْمِيُّ: هَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْحَرَكَةُ وَالِانْتِقَالُ، فَقَالَ لَهُ السُّنِّيُّ: أَنَا لَمْ أَقُلْ مِنْ عِنْدِي شَيْئًا، وَهَذَا الْإِلْزَامُ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَصْدِيقُهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ تَصْدِيقُهُ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَ الْإِلْزَامُ بِهِ، فَبُهِتَ الْجَهْمِيُّ.
قَالُوا وَقَدْ دَلَّ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَيٌّ فَعَّالٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ إِلَّا بِالْفِعْلِ، فَالْفِعْلُ الِاخْتِيَارِيُّ مِنْ لَوَازِمِ الْحَيَاةِ فَالْإِرَادَةُ وَالْمَشِيئَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْفِعْلِ، وَلِلْفِعْلِ لَوَازِمُ لَا يَجُوزُ نَفْيُهَا، إِذْ نَفْيُهَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ، وَلِهَذَا لَمَّا نَفَاهَا الدَّهْرِيَّةُ وَالْفَلَاسِفَةُ نَفَوُا الْفِعْلَ الِاخْتِيَارِيَّ مِنْ أَصْلِهِ.
قَالُوا: وَمِنْ لَوَازِمِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، الْحُبُّ وَالْبُغْضُ وَانْتِقَالُ الْفَاعِلِ مِنْ شَأْنٍ إِلَى شَأْنٍ، وَالرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، وَمَنْ كَانَ عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ قَبْلَ الْفِعْلِ وَحَالَ الْفِعْلِ وَبَعْدَ الْفِعْلِ لَمْ يُعْقَلْ كَوْنُهُ فَاعِلًا بِاخْتِيَارِهِ، بَلْ وَلَا فَاعِلًا الْبَتَّةَ، فَلَيْسَ مَعَ نُفَاةِ لَوَازِمِ الْأَفْعَالِ إِلَّا إِثْبَاتُ أَلْفَاظٍ لَا حَقَائِقَ لَهَا.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَالُوا: نَحْنُ لَمْ نُصَرِّحْ بِالِانْتِقَالِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِنَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَاهُ.

[فصل ثبوت الانتقال والحركة لله تعالى]
فَصْلٌ
أَمَّا الَّذِينَ نَفَوُا الْحَرَكَةَ وَالِانْتِقَالَ، فَإِنْ نَفَوْا مَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِ فَقَدْ أَصَابُوا وَلَكِنْ أَخْطَئُوا فِي ظَنِّهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمُ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، فَأَصَابُوا فِي نَفْيِ خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِينَ وَأَخْطَئُوا فِي ظَنِّهِمْ أَنَّهُ لَازِمُ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَفِي نَفْيِهِمْ لِلَازِمِ الَّذِي يَسْتَحِيلُ اتِّصَافَ الْمَخْلُوقِ بِنَظِيرِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الصِّفَةَ يَلْزَمُهَا لَوَازِمُ لِنَفْسِهَا وَذَاتِهَا، فَلَا يَجُوزُ نَفْيُ هَذِهِ اللَّوَازِمِ عَنْهَا لَا فِي حَقِّ الرَّبِّ وَلَا فِي حَقِّ الْعَبْدِ، وَيَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ جِهَةِ اخْتِصَاصِهَا بِالْعَبْدِ، فَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ تِلْكَ اللَّوَازِمِ لِلرَّبِّ، وَيَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصِهَا بِالرَّبِّ فَلَا يَجُوزُ سَلْبُهَا عَنْهُ وَلَا إِثْبَاتُهَا لِلْعَبْدِ، فَعَلَيْكَ بِمُرَاعَاةِ هَذَا الْأَصْلِ وَالِاعْتِصَامِ بِهِ فِي كُلِّ مَا يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى، وَعَلَى الْعَبْدِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ أَمْسَكُوا عَنِ الْأَمْرَيْنِ وَقَالُوا: لَا نَقُولُ يَتَحَرَّكُ وَيَنْتَقِلُ، وَلَا نَنْفِي ذَلِكَ عَنْهُ، فَهُمْ أَسْعَدُ بِالصَّوَابِ وَالِاتِّبَاعِ، فَإِنَّهُمْ نَطَقُوا بِمَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ، وَسَكَتُوا عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ، وَتَظْهَرُ صِحَّةُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ ظُهُورًا تَامًّا فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْأَلْفَاظُ الَّتِي سَكَتَ النَّصُّ عَنْهَا مُجْمَلَةً مُحْتَمِلَةً لِمَعْنَيَيْنِ: صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ، كَلَفْظِ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ وَالْجِسْمِ وَالْحَيِّزِ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 472
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست