responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 396
الْوَجْهُ الثَّالِثُ عَشَرَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْكَرَ عَلَى الْيَهُودِ نِسْبَةَ يَدِهِ إِلَى النَّقْصِ وَالْعَيْبِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ إِثْبَاتَ الْيَدِ لَهُ تَعَالَى فَقَالَ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] فَلَعَنَهُمْ عَلَى وَصْفِ يَدِهِ بِالْعَيْبِ دُونَ إِثْبَاتِ يَدِهِ وَقَدْرُ إِثْبَاتِهَا بِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالُوهُ بِأَنَّهُمَا يَدَانِ مَبْسُوطَتَانِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ تَلْبِيسُ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطَّلَةِ عَلَى أَشْبَاهِ الْأَنْعَامِ حَيْثُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْيَهُودَ عَلَى إِثْبَاتِ الْيَدِ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ وَهُمْ أَئِمَّةُ الْمُشَبِّهَةِ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْكَذِبَ مِنْ هَذَا الْقَائِلِ وَالتَّلْبِيسَ، وَأَنَّ الْآيَةَ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ عَشَرَ: أَنَّ يَدَ الْقُدْرَةِ لَا يُعْرَفُ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَنْ يُقَالَ فِيهَا: يَدُ فُلَانٍ كَذَا هَكَذَا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: فَعَلَ هَذَا بِيَمِينِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: فَعَلَهُ بِيَدَيْهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: فَعَلَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَعْمَلُ فِي يَدِ الْقُدْرَةِ وَالنِّعْمَةِ أَنْ تَكُونَ مُجَرَّدَةً عَنِ الْإِضَافَةِ وَعَنِ التَّثْنِيَةِ وَعَنْ نِسْبَةِ الْفِعْلِ إِلَيْهَا، فَيُقَالُ: لِفُلَانٍ عِنْدِي يَدٌ، وَلَوْلَا يَدٌ لَهُ عِنْدِي، وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ يَدُهُ أَوْ يَدَاهُ عِنْدِي، وَلَهُ عِنْدِي يَدُهُ وَيَدَاهُ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الْخَامِسُ عَشَرَ: أَنَّ الْيَدَ حَيْثُ أُرِيدَ بِهَا النِّعْمَةُ أَوِ الْقُدْرَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِاللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِيَحْصُلَ الْمُرَادُ، فَأَمَّا أَنْ تُطْلَقَ وَيُرَادَ بِهَا ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ كَمَا إِذَا أَطْلَقَ الْبَحْرَ وَالْأَسَدَ وَادَّعَى بِذَلِكَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الرَّجُلُ الْجَوَادُ وَالشُّجَاعُ، فَهَذَا لَا يُجِيزُهُ عَاقِلٌ، وَلَا يَتَكَلَّمُ بِهِ إِلَّا مَنْ قَصْدُهُ التَّلْبِيسُ وَالتَّعْمِيَةُ، وَحَيْثُ أَرَادَ تِلْكَ الْمَعَانِيَ فَإِنَّهُ يَأْتِي مِنَ الْقَرَائِنِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِهِ، فَأَيْنَ مَعَكُمْ فِي قَوْلِهِ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] وَ {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] وَقَوْلِهِ: " «يَقْبِضُ اللَّهُ سَمَاوَاتِهِ بِيَدِهِ وَالْأَرْضَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى "، " فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ رَبِّي» "، وَقَوْلِهِ: " «فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ» " مَا يَدُلُّ عَلَى إِرَادَةِ الْمَجَازِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ عَشَرَ: أَنَّ يَدَ الْقُدْرَةِ وَالنِّعْمَةِ لَا يُعْرَفُ اسْتِعْمَالُهَا الْبَتَّةَ إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ يَدٌ حَقِيقَةً، فَهَذِهِ مَوَارِدُ اسْتِعْمَالِهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا مُطَّرِدَةً فِي ذَلِكَ، فَلَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيُّ خِلَافَ ذَلِكَ، فَالْيَدُ الْمُضَافَةُ إِلَى الْحَيِّ إِمَّا أَنْ تَكُونَ يَدًا حَقِيقَةً أَوْ مُسْتَلْزِمَةً لِلْحَقِيقَةِ، وَإِمَّا أَنْ تُضَافَ إِلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ يَدٌ حَقِيقَةً، وَهُوَ حَيٌّ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الْأَحْيَاءِ فَهَذَا لَا يُعْرَفُ الْبَتَّةَ.
وَسِرُّ هَذَا أَنَّ الْأَعْمَالَ وَالْأَخْذَ وَالْعَطَاءَ وَالتَّصَرُّفَ لَمَّا كَانَ بِالْيَدِ وَهِيَ الَّتِي تُبَاشِرُهُ عَبَّرُوا بِهَا عَنِ الْغَايَةِ الْحَاصِلَةِ بِهَا، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ أَصْلِ الْيَدِ حَتَّى يَصِحَّ اسْتِعْمَالُهَا

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 396
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست