responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 394
مَلَائِكَتَهُ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ لَهُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ إِذَا سَأَلُوهُ الشَّفَاعَةَ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ خَصَائِصَ لَهُ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ الْقُدْرَةَ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: خَلَقَكَ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي ذَلِكَ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: أَنَّكَ لَوْ وَضَعْتَ الْحَقِيقَةَ الَّتِي يَدَّعِي هَؤُلَاءِ أَنَّ الْيَدَ مَجَازٌ فِيهَا مَوْضِعَ الْيَدِ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ وَلَمْ يَصِحَّ وَضْعُهَا هُنَاكَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَوْ قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِقُدْرَتِي، وَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ أَوِ الْبَشَرُ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ، وَقَالَتْ لَهُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ ذَلِكَ، لَمْ يَحْسُنْ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنَ الْفَائِدَةِ شَيْءٌ وَتَعَالَى اللَّهُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا التَّخْصِيصِ إِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْفَضْلِ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ اخْتُصَّ بِهِ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَلَا يَجُوزُ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُبْطِلُ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الْحَادِي عَشَرَ: أَنَّ نَفْسَ هَذَا التَّرْكِيبِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] يَأْبَى حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَى الْقُدْرَةِ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْخَلْقَ إِلَى نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ ثُمَّ عَدَّى الْفِعْلَ إِلَى الْيَدِ ثُمَّ ثَنَّاهَا ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْبَاءَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى قَوْلِهِ: كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ، وَمِثْلُ هَذَا النَّصِّ صَرِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ بِوَجْهٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَمِلْتُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: 10] فَإِنْ نُسِبَ الْفِعْلُ إِلَى الْيَدِ ابْتِدَاءً، وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا آلَةُ الْفِعْلِ فِي الْغَالِبِ، وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ خَلْقُ الْأَنْعَامِ مُسَاوِيًا لِخَلْقِ أَبِي الْأَنَامِ قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] فَأَضَافَ الْفِعْلَ إِلَى الْأَيْدِي وَجَمَعَهَا وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهَا الْبَاءَ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُرُوقٍ تُبْطِلُ إِلْحَاقَ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ بِالْآخَرِ، وَيَتَضَمَّنُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا عَدَمَ مَزِيَّةِ أَبِينَا آدَمَ عَلَى الْأَنْعَامِ، وَهَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ وَأَعْظَمِ الْعُقُوقِ لِلْأَبِ، إِذْ سَاوَى الْمُعَطِّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْلِيسَ وَالْأَنْعَامِ فِي الْخَلْقِ بِالْيَدَيْنِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّ يَدَ النِّعْمَةِ وَالْقُدْرَةِ لَا يَتَجَاوَزُ بِهَا لَفْظُ الْيَدِ فَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا يَتَصَرَّفُ فِي الْيَدِ الْحَقِيقِيَّةِ، فَلَا يُقَالُ: كَفٌّ لَا لِلنِّعْمَةِ وَلَا لِلْقُدْرَةِ، وَلَا إِصْبَعٌ وَإِصْبَعَانِ وَلَا يَمِينٌ وَلَا شِمَالٌ، وَهَذَا كُلُّهُ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ الْيَدُ نِعْمَةً أَوْ يَدَ قُدْرَةٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يُغِيضُهَا نَفَقَةٌ» وَقَالَ:

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست