responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 389
فَاعْتَدَلَ، فَهُوَ مُطَاوِعُ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي، وَهَذَا الْمَعْنَى عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِ اسْتِعْمَالِهِ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ اسْتَوَى إِلَى السَّطْحِ أَيِ ارْتَفَعَ فِي اعْتِدَالٍ، وَمِنْهُ اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَيِ اعْتَدَلَ عَلَيْهَا، قَالَ تَعَالَى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13] وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ فَهُوَ يَتَضَمَّنُ اعْتِدَالًا وَاسْتِقْرَارًا عِنْدَ تَجَرُّدِهِ وَيَتَضَمَّنُ الْمَقْرُونُ مَعَ ذَلِكَ مَعْنَى الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ، وَهَذَا حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ تَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ قُيُودِهَا كَمَا تَتَنَوَّعُ دَلَالَةُ الْفِعْلِ بِحَسَبِ مَفْعُولَاتِهِ وَصِلَاتِهِ، وَمَا يُصَاحِبُهُ مِنْ أَدَاةِ نَفْيٍ أَوِ اسْتِفْهَامٍ أَوْ نَهْيٍ أَوْ إِغْرَاءٍ فَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ دَلَالَةٌ خَاصَّةٌ وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ.
فَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ لَا التَّرْوِيجُ وَالتَّزْوِيقُ، وَادِّعَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنًى لِمَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدٌ، وَهَذَا شَأْنُ جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ إِذَا قُيِّدَتْ فَإِنَّهَا تَتَنَوَّعُ دَلَالَتُهَا بِحَسَبِ قُيُودِهَا وَلَا يُخْرِجُهَا ذَلِكَ مِنْ حَقَائِقِهَا (فَضَرَبَ) مَعَ الْمَثَلِ لَهُ مَعْنًى وَفِي الْأَرْضِ لَهُ مَعْنًى وَالْبَحْرُ لَهُ مَعْنًى وَالدَّابَّةُ لَهَا مَعْنًى، إِذْ هُوَ إِمْسَاسٌ بِإِيلَامٍ، فَإِنْ صَاحَبَتْهُ أَدَاةُ النَّفْيِ صَارَ لَهُ مَعْنًى آخَرَ، وَإِنْ كَانَتْ أَدَاةُ اسْتِفْهَامٍ أَوْ نَهْيٍ أَوْ تَمَنٍّ أَوْ تَخْصِيصٍ اخْتَلَفَتْ دَلَالَتُهُ، وَحَقِيقَتُهُ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ وَضْعٍ يَقْتَرِنُ بِهِ مَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] أَنَّ الضَّرْبَ لَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ فَأَيُّهَا الْمُرَادُ كَانَ كَالنَّظَائِرِ قَوْلُ هَذَا الْقَائِلِ: إِنَّ الرَّحْمَنَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَجْهًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْوَجْهِ وَالَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَجْمُوعَ اللَّفْظِ وَصِلَتِهِ يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ مَعَ الصِّلَةِ الْأُخْرَى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ وَأَنَّ اخْتِصَاصَهُ فِي مَحَالِّهِ هُوَ مِنَ اقْتِرَانِهِ بِتِلْكَ الصِّلَةِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، فَالتَّرْكِيبُ يُحْدِثُ لِلْمُرَكَّبِ حَالَةً أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَ الْمُرَكَّبُ مِنَ الْمَعَانِي أَوْ مِنَ الْأَلْفَاظِ أَوِ الْأَعْيَانِ أَوِ الصِّفَاتِ مَخْلُوقُهَا وَمَصْنُوعُهَا.
فَعَلَى هَذَا إِذَا اقْتَرَنَ اسْتَوَى بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ دَلَّ عَلَى الِاعْتِدَالِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ وَعَلَى الْعُلُوِّ بِالْحَرْفِ الَّذِي وُصِلَ بِهِ، فَإِنِ اقْتَرَنَ بِالْوَاوِ دَلَّ عَلَى الِاعْتِدَالِ بِنَفْسِهِ وَعَلَى مُعَادَلَتِهِ بَعْدَ الْوَاوِ بِوَاسِطَتِهَا، وَإِذَا اقْتَرَنَ بِحَرْفِ الْغَايَةِ دَلَّ عَلَى الِاعْتِدَالِ بِلَفْظِهِ وَعَلَى الِارْتِفَاعِ قَاصِدًا لِمَا بَعْدَ حَرْفِ الْغَايَةِ بِوَاسِطَتِهَا، وَزَالَ بِحَمْدِ اللَّهِ الِاشْتِرَاكُ وَالْمَجَازُ وَوَضَحَ الْمَعْنَى وَأَسْفَرَ صُبْحُهُ وَلَيْسَ الْفَاضِلُ مَنْ يَأْتِي إِلَى الْوَاضِحِ فَيُعَقِّدُهُ وَيُعَمِّيهِ، بَلْ مَنْ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست