responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 384
مُشْرِكٍ، كَمَا إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَعْبُدُ حَجَرًا فَقُلْتَ لَهُ: اللَّهُ خَيْرٌ أَمِ الْحَجَرُ، فَيَحْسُنُ هَذَا الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا لَا يَحْسُنُ فِي قَوْلِ الْخَطِيبِ ابْتِدَاءً: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَلِهَذَا قَالَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى الْكُفَّارِ: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] وَقَالَ تَعَالَى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ لَكَانَ مُسْتَهْجَنًا جَدُّهَا، فَلَوْ قَالَ: الشَّمْسُ أَضْوَأُ مِنَ السِّرَاجِ، وَالسَّمَاءُ أَكْبَرُ مِنَ الرَّغِيفِ وَأَعْلَى مِنْ سَقْفِ الدَّارِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ لَكَانَ مُسْتَهْجَنًا مُسْتَقْبَحًا مَعَ قُرْبِ النِّسْبَةِ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْمَخْلُوقِ، فَكَيْفَ إِذَا قِيلَ ذَلِكَ بَيْنَ الْخَالِقِ تَعَالَى وَالْمَخْلُوقِ، مَعَ تَفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَ اللَّهِ وَخَلْقِهِ.
الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ: أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ الَّذِي فَسَّرُوا بِهِ الِاسْتِوَاءَ، إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْخَلْقُ أَوِ الْقَهْرُ، أَوِ الْغَلَبَةُ، أَوِ الْمُلْكُ، أَوِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهَا مُرَادًا، أَمَّا الْخَلْقُ فَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ أَنْ يَكُونَ خَلْقُهُ بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهَذَا بِخِلَافِ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَخِلَافِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ، وَإِنِ ادَّعَى بَعْضُ الْجَهْمِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ خُلِقَ بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْعَجَبُ مَنْ جَهْلِهِ، بَلْ مِنْ إِقْدَامِهِ عَلَى حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَا لَمْ يَقُلْهُ مُسْلِمٌ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي لِلْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَغَيْرَهَا، فَلَا يَجُورُ تَفْسِيرُ الْآيَةِ بِهِ.
وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْهُ عَالِمٌ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بَلْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ، كَمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: عَلَا وَارْتَفَعَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اسْتَقَرَّ، وَقَالَ مَالِكٌ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّحْمَنَ فَوْقَ الْعَرْشِ اسْتَوَى عَلَى خِلَافِ مَا يُقِرُّ فِي قُلُوبِ الْعَامَّةِ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: اسْتَوَى بِذَاتِهِ وَاسْتَوَى حَقِيقَةً، فَأَوْجَدُوا عَمَّنْ يُقْتَدَى بِقَوْلِهِ فِي تَفْسِيرٍ أَوْ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ أَوْ تَابِعِيهِمْ أَوْ عَنْ إِمَامٍ لَهُ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ أَنَّهُ فَسَّرَ اللَّفْظَ بِاسْتَوْلَى، وَلَنْ تَجِدُوا ذَلِكَ سَبِيلًا.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: إِمَّا أَنْ يُحِيلَ الْعَقْلُ حَمْلَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْ لَا يُحِيلُهُ، فَإِنْ أَحَالَهُ الْعَقْلُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فِي تَفْسِيرِهِ بِخِلَافِ مَا يُحِيلُهُ الْعَقْلُ، بَلْ تَفَاسِيرُهُمْ كُلُّهَا مِمَّا يُحِيلُهَا الْعَقْلُ لَزِمَ الْقَدْحُ فِي

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 384
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست