responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 381
جَاهِلِيٍّ وَلَا إِسْلَامِيٍّ وَلَا مُحْدَثٍ أَنَّهُ مَدَحَ أَحَدًا قَطُّ أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي فَتَحَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ، فَهَذِهِ دَوَاوِينُهُمْ وَأَشْعَارُهُمْ مَوْجُودَةً.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ إِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ تَحْرِيفِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَحَمْلِ لَفْظِهَا عَلَى مَعْنًى لَمْ يُعْهَدِ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، وَبَيْنَ حَمْلِ الْمُضَافِ الْمَأْلُوفِ حَذْفُهُ كَثِيرًا إِيجَارًا وَاخْتِصَارًا، فَالْحَمْلُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَوْلَى، وَهَذَا الْبَيْتُ كَذَلِكَ، فَإِنَّا إِنْ حَمَلْنَا لَفْظَ اسْتَوَى فِيهِ عَلَى اسْتَوْلَى حَمَلْنَاهُ عَلَى مَعْنًى لَمْ يُعْهَدِ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، وَإِنْ حَمَلْنَاهَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَتَقْدِيرُهُ قَدِ اسْتَوَى عَلَى سَرِيرِ الْعِرَاقِ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَعْهُودٍ مَأْلُوفٍ، فَيَقُولُونَ: قَعَدَ فُلَانٌ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ، فَيَذْكُرُونَ الْمُضَافَ إِيضَاحًا وَبَيَانًا، وَيَحْذِفُونَ تَارَةً إِيجَازًا وَاخْتِصَارًا، إِذْ قَدْ عَلِمَ الْمُخَاطَبُ أَنَّ الْقُعُودَ وَالِاسْتِوَاءَ وَالْجُلُوسَ الَّذِي يُضَافُ وَيُقْصَدُ بِهِ الْمُلْكُ يَسْتَلْزِمُ سَرِيرَ الْمُلْكِ، فَحَذْفُ الْمُضَافِ أَقْرَبُ إِلَى لُغَةِ الْقَوْمِ مِنْ تَحْرِيفِ كَلَامِهِمْ، وَحَمْلُ لَفْظٍ عَلَى مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ لَمْ يُعْهَدِ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ بِآيَاتٍ مُتَعَدِّدَاتٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ الْخِطَابِ مَشْهُورًا عَلَى لُغَتِهِمْ مَعْرُوفًا فِي عَادَةِ نِظَامِهِمْ، فَلَا يُرِيدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَيَأْتِي بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَيَطَّرِدُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوَارِدِهِ كُلِّهَا بِذَلِكَ اللَّفْظِ الَّذِي لَمْ يُرِدْ مَعْنَاهُ، وَلَا يُذْكَرُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِاللَّفْظِ الَّذِي يُرِيدُ مَعْنَاهُ، فَمَنْ تَصَوَّرَ هَذَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ وَإِحَالَةِ نِسْبَتِهِ إِلَى مَنْ قَصْدُهُ الْبَيَانُ وَالْهُدَى.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ لَذَكَرَ فِي اللَّفْظِ قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَجَازَ إِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ قَرِينَةٌ وَإِلَّا كَانَتْ دَعْوَاهُ بَاطِلَةً لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا قَرِينَةَ مَعَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَوَارِدِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ قَدِ اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَجَازِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ السِّيَاقُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْمَجَازِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْحَقِيقَةُ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ تَجْرِيدَ الِاسْتِوَاءِ مِنَ اللَّامِ وَاقْتِرَانَهُ بِحَرْفِ عَلَى وَعَطْفَ فِعْلِهِ بِثُمَّ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَكَوْنَهُ بَعْدَ أَيَّامِ التَّحْلِيقِ وَكَوْنَهُ سَابِقًا فِي الْخَلْقِ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَذِكْرَ تَدْبِيرِ أَمْرِ الْخَلِيقَةِ مَعَهُ الدَّالَّ عَلَى كَمَالِ الْمُلْكِ، فَإِنَّ الْعَرْشَ سَرِيرُ الْمَمْلَكَةِ، فَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُ سَرِيرًا، كَمَا قَالَ أُمَيَّةُ:
مَجِّدُوا اللَّهَ فَهُوَ لِلْمَجْدِ أَهْلٌ ... رَبُّنَا فِي السَّمَاءِ أَمْسَى كَبِيرًا
بِالْبِنَا الْأَعْلَى الَّذِي سَبَقَ الْخَلْ ... قَ وَسَوَّى فَوْقَ السَّمَاءِ سَرِيرًا

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست