responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 361
أَثْبَتَ صِفَاتَ الْكَمَالِ لِلَّهِ تَعَالَى مُشَبِّهًا وَمُمَثِّلًا، وَيَجْعَلُونَ التَّشْبِيهَ لَازِمَ قَوْلِهِمْ، وَيَجْعَلُونَ لَازِمَ الْمَذْهَبِ مَذْهَبًا، وَيُسْرِعُونَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَتَكْفِيرِهِمْ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلَةَ الْمُلْحِدِينَ فِي أَسْمَاءِ الرَّبِّ تَعَالَى هُمُ الْمُشَبِّهُونَ فِي الْحَقِيقَةِ، لَا مَنْ أَثْبَتَ أَلْفَاظَهَا وَحَقَائِقَهَا مِنْ غَيْرِ تَمْثِيلٍ وَلَا تَشْبِيهٍ، وَلِهَذَا لَا يَأْتِي الرَّدُّ فِي الْقُرْآنِ عَلَى هَذِهِ الْفِرْقَةِ الَّتِي انْتَصَبَ لَهَا هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهَا فِرْقَةٌ مُقَدَّرَةٌ فِي الْأَذْهَانِ وَلَا مَوْجُودَ لَهَا فِي الْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا الْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ شَبَّهَ الْمَخْلُوقَ بِالْخَالِقِ فِي صِفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ حَتَّى عَبَدَهُ مِنْ دُونِهِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاقِعُ مِنْ بَنِي آدَمَ يُشَبِّهُونَ أَوْثَانَهُمْ وَمَعْبُودَهُمْ بِالْخَالِقِ فِي الْإِلَهِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] أَيْ مَنْ يُسَامِيهِ وَيُمَاثِلُهُ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] وَقَالَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فَنَفَى عَنِ الْمَخْلُوقِ مُمَاثَلَتَهُ وَمُكَافَأَتَهُ وَمُشَابَهَتَهُ وَمُسَامَاتَهُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ شِرْكِ بَنِي آدَمَ فَضَرَبَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَنْ ذَلِكَ صَفْحًا وَأَخَذُوا فِي الْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِرْقَةً مِنْ فِرَقِ بَنِي آدَمَ اسْتَقَلَّتْ بِهَذِهِ النِّحْلَةِ، وَجَعَلَتْهَا مَذْهَبًا تَذْهَبُ إِلَيْهِ حَتَّى وَلَا الْمُجَسِّمَةَ الْمَحْضَةَ الَّذِينَ حَكَى أَرْبَابُ الْمَقَالَاتِ مَذَاهِبَهُمْ كَالْهَاشِمِيَّةِ وَالْكَرَامِيَّةِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ لَمْ يَقُولُوا: إِنَّهُ مُمَاثِلٌ لِلْأَجْسَامِ بَلْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ جِسْمًا أَنَّهُ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ مَوْصُوفٌ بِالصِّفَاتِ، وَمُثْبِتُو الصِّفَاتِ لَا يُنَازِعُونَهُمْ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ نَازَعُوهُمْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِلْحَادَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِنْكَارِ لَفْظِ الِاسْمِ أَوْ بِإِنْكَارِ مَعْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ إِنْكَارُ لَفْظِهِ إِلْحَادًا فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ الرَّحْمَنَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِنَفْيِهَا فَلَا يَسْتَنْكِفُ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ بِالرَّحْمَنِ وَلَا الرَّحِيمِ، كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ لَيْسَ بِأَسَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ.
وَإِنْ قَالُوا: نَتَأَدَّبُ فِي إِطْلَاقِ هَذَا النَّفْيِ فَالْأَدَبُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِطْلَاقِ وَإِنْ كَانَ الْإِلْحَادُ هُوَ إِنْكَارَ مَعَانِي أَسْمَائِهِ وَحَقَائِقِهَا فَقَدْ أَنْكَرْتُمْ مَعَانِيَهَا الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهَا بِإِطْلَاقِهَا، وَمَا صَرَفْتُمُوهُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَجَازِ فَنَقِيضُ مَعْنَاهَا أَوْ لَازِمٌ مِنْ لَوَازِمِ مَعْنَاهَا، وَلَيْسَ هُوَ الْحَقِيقَةَ، وَلِهَذَا يُصَرِّحُ غُلَاتُهُمْ بِإِنْكَارِ مَعَانِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَقُولُونَ: هِيَ أَلْفَاظٌ لَا مَعَانِيَ لَهَا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْحَامِلَ لَكُمْ عَلَى دَعْوَى الْمَجَازِ فِي اسْمِ (الرَّحْمَنِ) هُوَ بِعَيْنِهِ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست