responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 314
كَلَامِهِ سُبْحَانَهُ أَلْفَاظٌ وُضِعَتْ لِمَعَانٍ ثُمَّ نَقَلَهَا سُبْحَانَهُ عَنْهَا إِلَى مَعَانٍ أُخَرَ؟ فَهَلْ يُتَصَوَّرُ هَذَا الْقَدْرُ فِي كَلَامِهِ؟ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا؟ يُوَضِّحُهُ:

[أن الله تعالى هو الذي علمهم البيان بألفاظهم عما في أنفسهم]
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهُمُ الْبَيَانَ بِأَلْفَاظِهِمْ عَمَّا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَعَلَّمَهُمُ الْمَعَانِيَ وَصَوَّرَهَا فِي نُفُوسِهِمْ، وَعَلَّمَهُمُ التَّعْبِيرَ عَنْهَا بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ - عَلَّمَ الْقُرْآنَ - خَلَقَ الْإِنْسَانَ - عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 - 4] فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ أَنْ يُبِينَ عَمَّا فِي نَفْسِهِ، وَأَقْدَرَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَعَلَ بَيَانَهُ تَابِعًا لِتَصَوُّرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إِلَى التَّعْبِيرِ عَمَّا فِي نَفْسِهِ، وَذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ نَشْأَتِهِ وَتَمَامِ مَصْلَحَتِهِ، وَالْمَعَانِي الَّتِي يُدَّعَى أَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ فِيهَا أَوْ يَكُونُ مَعَهَا، وَحَاجَتُهُمْ إِلَى التَّعْبِيرِ عَنِ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ، فَكَيْفَ يُدَّعَى أَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ لِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى التَّعْبِيرِ عَنِ الْجَمِيعِ ; هَذَا مَا يَأْبَاهُ الْعَقْلُ وَالْعَادَةُ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الْغُلَاةِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنْ أَكْثَرَ اللُّغَةِ مَجَازٌ، وَأَنَّ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا مَجَازٌ، فَهَلْ كَانَتِ الطَّبِيعَةُ وَالِاسْتِعْمَالُ وَالْأَلْسُنُ مُعَطِّلَةً عَنِ اسْتِعْمَالِ تِلْكَ الْمَجَازَاتِ حَتَّى أُحْدِثَ لَهَا وَضْعٌ ثَانٍ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِينَ قَسَّمُوا الْكَلَامَ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ لَمْ يَتَصَوَّرُوا لَوَازِمَ قَوْلِهِمْ، وَلَوْ تَصَوَّرُوهُ حَقَّ التَّصَوُّرِ لَمَا تَكَلَّمُوا بِهِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: مِمَّا يُبَيِّنُ بُطْلَانَ هَذَا التَّقْسِيمِ أَنَّ أَصْحَابَهُ مُتَنَازِعُونَ فِي أَشْهَرِ الْكَلَامِ وَأَظْهَرِهِ اسْتِعْمَالًا، نِزَاعًا كَثِيرًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْحُكْمُ لِطَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ، فَلَوْ كَانَ الْفَرْقُ الَّذِي ادَّعَيْتُمُوهُ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْكَنَ الْحُكْمُ بَيْنَكُمْ.
مِثَالُ ذَلِكَ، أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ إِمَّا أَنْ يُقَالَ: كُلُّهُ حَقِيقَةٌ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: كُلُّهُ مَجَازٌ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: بَعْضُهُ حَقِيقَةٌ وَبَعْضُهُ مَجَازٌ، سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ التَّخْصِيصَ الْمُفَصَّلَ حَقِيقَةٌ وَالْمُنْفَصِلَ مَجَازٌ وَالْبَاقِي حَقِيقَةٌ، أَوْ قِيلَ: الِاسْتِثْنَاءُ وَحْدَهُ حَقِيقَةٌ دُونَ سَائِرِ الْمُنْفَصِلَاتِ، فَأَيُّ قَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قُبِلَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّقْسِيمِ إِلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَهُوَ بَاطِلٌ إِلَّا قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الْجَمِيعَ حَقِيقَةً، فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ التَّقْسِيمِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا: الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ كُلُّهُ حَقِيقَةٌ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي ذَلِكَ نِزَاعًا، وَاحْتَجُّوا بِحُجَجٍ تَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْمَجَازِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَائِينِيُّ: (مَسْأَلَةٌ) فِي الْعُمُومِ إِذَا خُصَّ هَلْ يَكُونُ حَقِيقَةً فِي الْبَاقِي أَوْ مَجَازًا؟ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ حَقِيقَةً فِيمَا

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست