responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 300
مُتَعَيِّنًا، وَلَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَةٍ مَا وَجَدَ إِلَى الْمَجَازِ سَبِيلًا، وَفِي هَذَا مِنْ إِفْسَادِ اللُّغَاتِ وَالتَّفَاهُمِ مَا لَا يَخْفَى.

[تفريقهم بين الحقيقة والمجاز لاضطراد وفساده]
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّكُمْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِالِاطِّرَادِ وَعَدَمِهِ، فَقُلْتُمْ: يُعْرَفُ الْمَجَازُ بِعَدَمِ اطِّرَادِهِ دُونَ الْعَكْسِ، أَيْ لَا يَكُونُ الِاطِّرَادُ دَلِيلَ الْحَقِيقَةِ، أَوْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمَجَازِ عَدَمُ الِاطِّرَادِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْعَلَامَةُ يَجِبْ طَرْدُهَا وَلَا يَجِبُ عَكْسُهَا، وَهَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ، وَنُطَالِبُكُمْ قَبْلَ الْبَيَانِ بِفَسَادِ الْفَرْقِ بِمَعْنَى الِاطِّرَادِ الثَّابِتِ لِلْحَقِيقَةِ، وَالْمَنْفِيِّ عَنِ الْمَجَازِ مَا تَعْنُونَ بِهِ أَوَّلًا فَالِاطِّرَادُ نَوْعَانِ: اطِّرَادٌ سَمَاعِيٌّ، وَاطِّرَادٌ قِيَاسِيٌّ، فَإِنْ عَنَيْتُمُ الْأَوَّلَ كَانَ مَعْنَاهُ مَا اطَّرَدَ السَّمَاعُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنَاهُ فَهُوَ حَقِيقَةٌ، وَمَا لَمْ يَطَّرِدِ السَّمَاعُ بِاسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ مَجَازٌ، وَهَذَا لَا يُفِيدُ فَرْقًا الْبَتَّةَ، فَإِنَّ كُلَّ مَسْمُوعٍ فَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي مَوَارِدِ اسْتِعْمَالِهِ، وَمَا لَمْ يُسْمَعْ فَهُوَ مُطَّرِدُ التَّرْكِ، فَلَيْسَ فِي السَّمَاعِ مُطَّرِدُ الِاسْتِمَالِ وَغَيْرُ مُطَّرِدِهِ، وَإِنْ عَنَيْتُمُ الِاضْطِرَادَ الْقِيَاسِيَّ فَاللُّغَاتُ لَا تُثْبَتُ قِيَاسًا إِذْ يَكُونُ ذَلِكَ إِنْشَاءً وَاخْتِرَاعًا، وَلَوْ جَازَ الْمُتَكَلِّمُ أَنْ يَقِيسَ عَلَى الْمَسْمُوعِ أَلْفَاظًا يَسْتَعْمِلُهَا فِي خِطَابِهِ نَظْمًا وَنَثْرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكَلَامَ الْعَرَبِ عَلَى مَا قَاسَهُ عَلَى لُغَتِهِمْ، فَإِنَّ هَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ أَوَّلًا، فَإِنَّهُ يُنْشِئُ مِنْ عِنْدِهِ قِيَاسًا يَضَعُ بِهِ أَلْفَاظًا لِمَعَانٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ تِلْكَ الْمَعَانِي، وَهَذَا كَثِيرًا مَا تَجِدُهُ فِي كَلَامِ مَنْ يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَالنَّظَرَ، وَهَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ، الْقَوْلُ بِهِ حَرَامٌ، وَهُوَ قَوْلٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِلَا عِلْمٍ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالِاطِّرَادِ وَعَدَمِهِ اطِّرَادَ الِاشْتِقَاقِ فَيَصْدُقُ اللَّفْظُ حَيْثُ وُجِدَ الْمَعْنَى الْمُشْتَقُّ مِنْهُ، قِيلَ لَكُمُ: الِاشْتِقَاقُ نَوْعَانِ: وَصْفِيٌّ لَفْظِيٌّ، وَحُكْمِيٌّ مَعْنَوِيٌّ (فَالْأَوَّلُ) كَاشْتِقَاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَاسْمِ الْمَفْعُولِ وَالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، وَأَمْثَالُهُ الْمُبَالَغَةُ مِنْ مَصَادِرِهَا (وَالثَّانِي) كَاشْتِقَاقِ الْخَابِيَةِ مِنَ الْخَبْءِ، وَالْقَارُورَةِ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ، وَالنِّكَاحِ مِنَ الضَّمِّ، وَنَظَائِرِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالِاطِّرَادِ النَّوْعَ الْأَوَّلَ فَوُجُودُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَعَدَمُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَجَازِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْأَلْفَاظِ الْمَجَازِيَّةِ عِنْدَكُمْ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ قَالَ: إِنْ ضَرَبْتُ زَيْدًا أَوْ رَأَيْتُهُ وَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَجَازٌ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِلْمَصَادِرِ الْمُطْلَقَةِ الْعَامَّةِ، فَإِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا فَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، كَمَا قَالَ ابْنُ جِنِّي وَغَيْرُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست