responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 290
الثَّانِي: أَنَّكُمْ إِنَّمَا تَعْنُونَ بِقَوْلِكُمْ: لَوِ اسْتَلْزَمَ الْمَجَازُ الْحَقِيقَةَ لَكَانَ كَنَحْوِ قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ، وَشَابَتْ لُمَّةُ اللَّيْلِ، حَقِيقَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِمُفْرَدَاتِهَا مِنْ حَقِيقَةٍ، أَوْ لَا بُدَّ لِلتَّرْكِيبِ مِنْ حَقِيقَةٍ، فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْأَوَّلَ فَمُسَلَّمٌ.
وَهَذِهِ الْمُفْرَدَاتُ لَهَا حَقَائِقُ فَبَطَلَ الدَّلِيلُ، وَإِنْ أَرَدْتُمُ الثَّانِيَ فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ دَلَالَةَ الْمُرَكَّبِ تَنْقَسِمُ إِلَى حَقِيقِيَّةٍ وَمَجَازِيَّةٍ، وَهَذَا يُنَازَعُ فِيهِ جُمْهُورُ الْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْمَجَازَ فِي الْمُفْرَدَاتِ لَا فِي التَّرْكِيبِ، إِذْ لَا يُعْقَلُ وُقُوعُهُ فِي التَّرْكِيبِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِسْنَادِ جِهَتَانِ: إِحْدَاهُمَا جِهَةُ حَقِيقَةٍ، وَالْأُخْرَى جِهَةُ مَجَازٍ، بِخِلَافِ الْمُفْرَدَاتِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِسْنَادَ لَمْ يُوضَعْ أَوَّلًا لِمَعْنًى ثُمَّ نُقِلَ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنْ تُصُوِّرَ فِي الْمُفْرَدِ.

[تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز تقسيم فاسد]
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ تَقْسِيمَ الْكَلَامِ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْمَجَازِ، بَلْ وَلَا عَلَى مَكَانِهِ، فَإِنَّ التَّقْسِيمَ لَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْسَامِ فِي الْخَارِجِ، وَلَا عَلَى إِمْكَانِهَا، فَإِنَّ التَّقْسِيمَ يَتَضَمَّنُ حَصْرَ الْمَقْسُومِ فِي تِلْكَ الْأَقْسَامِ، هِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً أَوْ مَعْدُومَةً، مُمْكِنَةً أَوْ مُمْتَنِعَةً، فَهَاهُنَا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: انْحِصَارُ الْمَقْسُومِ فِي أَقْسَامِهِ، وَهَذَا يُعْرَفُ بِطُرُقٍ:
مِنْهَا أَنْ يَكُونَ التَّقْسِيمُ دَائِرًا بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَمِنْهَا أَنْ يَجْزِمَ الْعَقْلُ بِنَفْيِ قِسْمٍ آخَرَ غَيْرِهَا، وَمِنْهَا أَنْ يَحْصُلَ الِاسْتِقْرَاءُ التَّامُّ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ، أَوِ الِاسْتِقْرَاءُ الْمُفِيدُ لِلظَّنِّ.
وَالثَّانِي: ثُبُوتُ تِلْكَ الْأَقْسَامِ أَوْ بَعْضِهَا فِي الْخَارِجِ، وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنَ التَّقْسِيمِ، بَلْ يَحْتَاجُ إِلَى الدَّلِيلِ مُنْفَصِلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ يَغْلَطُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيَسْتَدِلُّ بِصِحَّةِ التَّقْسِيمِ عَلَى الْوُجُودِ الْخَارِجِيَّةِ وَإِمْكَانِهِ، وَهَذَا غَلَطٌ مَحْضٌ، كَمَا يَغْلَطُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي حَصْرِ مَا لَيْسَ بِمَحْصُورٍ، فَإِنَّ الذِّهْنَ يُقَسِّمُ الْمَعْلُومَ إِلَى مَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ،. وَمَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَلَا مَعْدُومٍ، وَالْمَوْجُودُ إِمَّا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَإِمَّا قَائِمٌ بِغَيْرِهِ، وَإِمَّا لَا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَلَا قَائِمٌ بِغَيْرِهِ، وَإِمَّا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَإِمَّا دَاخِلَ الْعَالَمِ أَوْ خَارِجَهُ، أَوْ دَاخِلَهُ، أَوْ دَاخِلَهُ وَخَارِجَهُ، أَوْ لَا دَاخِلَهُ وَلَا خَارِجَهُ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ التَّقْسِيمَاتِ الذِّهْنِيَّةِ الَّتِي يَسْتَحِيلُ ثُبُوتُ بَعْضِ أَقْسَامِهَا فِي الْخَارِجِ.
إِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَالَّذِينَ قَسَّمُوا الْكَلَامَ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ إِنْ أَرَادُوا بِذَلِكَ التَّقْسِيمَ الذِّهْنِيَّ لَمْ يُفِدْهِمْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَإِنْ أَرَادُوا التَّقْسِيمَ الْخَارِجِيَّ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْجَمِيعِ فِي الْخَارِجِ سِوَى مُجَرَّدِ التَّقْسِيمِ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ الثُّبُوتَ الْخَارِجِيَّ،

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست