responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 139
مُتَعَدِّدَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] فَأَيُّ اسْمٍ دَعَوْتُمُوهُ بِهِ فَإِنَّمَا دَعَوْتُمُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى الْمُشْتَقَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ، وَلِهَذَا كَانَتْ حُسْنَى، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ كَمَا يَقُولُ الْجَاحِدُونَ لِكَمَالِهِ: أَسْمَاءٌ مَحْضَةٌ فَارِغَةٌ مِنَ الْمَعَانِي لَيْسَ لَهَا حَقَائِقُ لَمْ تَكُنْ حُسْنَى، وَلَوْ كَانَتْ أَسْمَاءُ الْمَوْصُوفِينَ بِالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ أَحْسَنَ مِنْهَا، فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَوْحِيدِ الذَّاتِ وَكَثْرَةِ النُّعُوتِ وَالصِّفَاتِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ: أَخَصُّ صِفَاتِ الْإِلَهِ: الْقَدِيمُ، فَإِذَا أَثْبَتُّمْ لَهُ صِفَاتٍ قَدِيمَةً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ آلِهَةً قَدِيمَةً، وَلَا يَكُونُ الْإِلَهُ وَاحِدًا.
فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُدَلِّسِينَ الْمُلْبِسِينَ عَلَى أَمْثَالِهِمْ مِنْ أَشْبَاهِ الْأَنْعَامِ: الْمَحْذُورُ الَّذِي نَفَاهُ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ وَالْفِطْرَةُ، وَأَجْمَعَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى بُطْلَانِهِ: أَنْ يَكُونَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةٌ أُخْرَى، إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِلَهُ الْعَالَمِينَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ حَيًّا قَيُّومًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا آمِرًا نَاهِيًا فَوْقَ عَرْشِهِ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، فَلَمْ يَنْفِ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ وَالْفِطْرَةُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِلَهِ الْوَاحِدِ صِفَاتُ كَمَالٍ يَخْتَصُّ بِهَا لِذَاتِهِ.

[لفظ الجسم لم ينطق به الوحي إثباتا لا نفيا]
وَاعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ الْجِسْمِ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ الْوَحْيُ إِثْبَاتًا فَيَكُونُ لَهُ الْإِثْبَاتُ، وَلَا نَفْيًا فَيَكُونُ لَهُ النَّفْيُ، فَمَنْ أَطْلَقَهُ نَفْيًا أَوْ إِثْبَاتًا سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْجِسْمِ مَعْنَاهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَهُوَ الْبَدَنُ الْكَثِيفُ الَّذِي لَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ جِسْمٌ سِوَاهُ، فَلَا يُقَالُ لِلْهَوَى جِسْمٌ لُغَةً وَلَا لِلنَّارِ وَلَا لِلْمَاءِ، فَهَذِهِ اللُّغَةُ وَكُتُبُهَا بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَهَذَا الْمَعْنَى مَنْفِيٌّ عَنِ اللَّهِ عَقْلًا وَسَمْعًا، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهِ الْمُرَكَّبَ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، وَالْمُرَكَّبَ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ، فَهَذَا مَنْفِيٌّ عَنِ اللَّهِ قَطْعًا، وَالصَّوَابُ نَفْيُهُ عَنِ الْمُمْكِنَاتِ أَيْضًا، فَلَيْسَ الْمَخْلُوقُ مُرَكَّبًا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يُوَصَفُ بِالصِّفَاتِ وَيُرَى بِالْأَبْصَارِ وَيَتَكَلَّمُ وَيُكَلِّمُ وَيَسْمَعُ وَيُبْصِرُ وَيَرْضَى وَيَغْضَبُ، فَهَذِهِ الْمَعَانِي ثَابِتَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِهَا، فَلَا نَنْفِيهَا عَنْهُ بِتَسْمِيَتِكُمْ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا جِسْمًا، كَمَا أَنَّا لَا نَسُبُّ الصَّحَابَةَ لِأَجْلِ تَسْمِيَةِ الرَّوَافِضِ لِمَنْ يُحِبُّهُمْ وَيُوَالِيهِمْ نَوَاصِبَ، وَلَا نَنْفِي قَدَرَ الرَّبِّ وَنُكَذِّبُ بِهِ لِأَجْلِ تَسْمِيَةِ الْقَدَرِيَّةِ لِمَنْ أَثْبَتَهُ جَبْرِيًّا، وَلَا بِرَدِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ عَنِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لِتَسْمِيَةِ أَعْدَاءِ الْحَدِيثِ لَنَا حَشْوِيَّةً، وَلَا نَجْحَدُ صِفَاتِ خَالِقِنَا وَعُلُوَّهُ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ لِتَسْمِيَةِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ لِمَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ مُجَسِّمًا مُشَبِّهًا:

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست