responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 477
لِكَمَالِ تَوْحِيدِهِمْ، وَلِهَذَا نَفَى عَنْهُمُ الِاسْتِرْقَاءَ، وَهُوَ سُؤَالُ النَّاسِ أَنْ يَرْقُوهُمْ. وَلِهَذَا قَالَ ( «وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ) ، فَلِكَمَالِ تَوَكُّلِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ وَسُكُونِهِمْ إِلَيْهِ، وَثِقَتِهِمْ بِهِ، وَرِضَاهُمْ عَنْهُ، وَإِنْزَالِ حَوَائِجِهِمْ بِهِ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ شَيْئًا لَا رُقْيَةً وَلَا غَيْرَهَا، وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ طِيَرَةٌ تَصُدُّهُمْ عَمَّا يَقْصِدُونَهُ، فَإِنَّ الطِّيَرَةَ تُنْقِصُ التَّوْحِيدَ وَتُضْعِفُهُ.
قَالَ: وَالرَّاقِي مُتَصَدِّقٌ مُحْسِنٌ، وَالْمُسْتَرْقِي سَائِلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَى، وَلَمْ يَسْتَرْقِ، وَقَالَ: ( «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» )
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] وَيَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ وَيَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ عائشة: فَلَمَّا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ» )
فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ. أَحَدُهَا: هَذَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ.
وَالثَّالِثُ: قَالَتْ كُنْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا، وَفِي لَفْظٍ رَابِعٍ: كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ، وَضَعْفُهُ وَوَجَعُهُ يَمْنَعُهُ مِنْ إِمْرَارِ يَدِهِ عَلَى جَسَدِهِ كُلِّهِ. فَكَانَ يَأْمُرُ عائشة أَنْ تُمِرَّ يَدَهُ عَلَى جَسَدِهِ بَعْدَ نَفْثِهِ هُوَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِرْقَاءِ فِي شَيْءٍ

اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 477
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست