responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 473
قَالُوا: وَقَدْ (جَاءَ زياد النهدي إِلَى أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ الْقُرَّاءِ، فَقِيلَ لَهُ: اقْرَأْ، فَرَفَعَ صَوْتَهُ وَطَرِبَ، وَكَانَ رَفِيعَ الصَّوْتِ فَكَشَفَ أنس عَنْ وَجْهِهِ وَكَانَ عَلَى وَجْهِهِ خِرْقَةٌ سَوْدَاءُ، وَقَالَ يَا هَذَا مَا هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، وَكَانَ إِذَا رَأَى شَيْئًا يُنْكِرُهُ رَفَعَ الْخِرْقَةَ عَنْ وَجْهِهِ)
قَالُوا: وَقَدْ مَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤَذِّنَ الْمُطْرِبَ فِي أَذَانِهِ مِنَ التَّطْرِيبِ كَمَا رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عطاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنٌ يُطْرِبُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «إِنَّ الْأَذَانَ سَهْلٌ سَمْحٌ فَإِنْ كَانَ أَذَانُكَ سَهْلًا سَمْحًا وَإِلَّا فَلَا تُؤَذِّنْ» ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَرَوَى عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ مِنْ حَدِيثِ قتادة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدَّ لَيْسَ فِيهَا تَرْجِيعٌ» . قَالُوا: وَالتَّرْجِيعُ وَالتَّطْرِيبُ يَتَضَمَّنُ هَمْزَ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزِ، وَمَدَّ مَا لَيْسَ بِمَمْدُودٍ، وَتَرْجِيعَ الْأَلِفِ الْوَاحِدِ أَلِفَاتٍ، وَالْوَاوِ وَاوَاتٍ، وَالْيَاءِ يَاءَاتٍ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى زِيَادَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، قَالُوا: وَلَا حَدَّ لِمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ، فَإِنْ حُدَّ بِحَدٍّ مُعَيَّنٍ كَانَ تَحَكُّمًا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَدِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِحَدٍّ أَفْضَى إِلَى أَنْ يُطْلَقَ لِفَاعِلِهِ تَرْدِيدُ الْأَصْوَاتِ وَكَثْرَةُ التَّرْجِيعَاتِ، وَالتَّنْوِيعُ فِي أَصْنَافِ الْإِيقَاعَاتِ وَالْأَلْحَانِ الْمُشْبِهَةِ لِلْغِنَاءِ، كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْغِنَاءِ بِالْأَبْيَاتِ، وَكَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرَّاءِ أَمَامَ الْجَنَائِزِ، وَيَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ قُرَّاءِ الْأَصْوَاتِ مِمَّا يَتَضَمَّنُ تَغْيِيرَ كِتَابِ اللَّهِ وَالْغِنَاءَ بِهِ عَلَى نَحْوِ أَلْحَانِ الشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ وَيُوقِعُونَ الْإِيقَاعَاتِ عَلَيْهِ مِثْلَ الْغِنَاءِ سَوَاءٌ، اجْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَتَلَاعُبًا بِالْقُرْآنِ وَرُكُونًا إِلَى تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ، وَلَا يُجِيزُ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، وَمَعْلُومٌ: أَنَّ التَّطْرِيبَ وَالتَّلْحِينَ ذَرِيعَةٌ مُفْضِيَةٌ إِلَى هَذَا إِفْضَاءً قَرِيبًا فَالْمَنْعُ مِنْهُ كَالْمَنْعِ مِنَ الذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الْحَرَامِ، فَهَذَا

اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 473
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست