responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 417
وَأَصْلُهُ فِي " مُسْنَدِ أحمد ".
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: رَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفَّارَةٌ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] » ) ذَكَرَهُ أحمد وأبو داود.
وَكَانَ إِذَا فَرَغَ بلال مِنَ الْأَذَانِ، أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ وَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ الْبَتَّةَ، وَلَمْ يَكُنِ الْأَذَانُ إِلَّا وَاحِدًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ كَالْعِيدِ لَا سُنَّةَ لَهَا قَبْلَهَا، وَهَذَا أَصَحُّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ السُّنَّةُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، فَإِذَا رَقِيَ الْمِنْبَرَ أَخَذَ بلال فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا أَكْمَلَهُ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَهَذَا كَانَ رَأْيَ عَيْنٍ فَمَتَى كَانُوا يُصَلُّونَ السُّنَّةَ؟! وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا فَرَغَ بلال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْأَذَانِ قَامُوا كُلُّهُمْ فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ فَهُوَ أَجْهَلُ النَّاسِ بِالسُّنَّةِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا سُنَّةَ قَبْلَهَا هُوَ مَذْهَبُ مالك وأحمد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ لَهَا سُنَّةً مِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، فَيَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الظُّهْرِ، وَهَذِهِ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ جِدًّا، فَإِنَّ الْجُمُعَةَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا تُخَالِفُ الظُّهْرَ فِي الْجَهْرِ وَالْعَدَدِ، وَالْخُطْبَةِ، وَالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ لَهَا، وَتُوَافِقُهَا فِي الْوَقْتِ، وَلَيْسَ إِلْحَاقُ مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ بِمَوَارِدِ الِاتِّفَاقِ أَوْلَى مِنْ إِلْحَاقِهَا بِمَوَارِدِ الِافْتِرَاقِ، بَلْ إِلْحَاقُهَا بِمَوَارِدِ الِافْتِرَاقِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِمَّا اتَّفَقَا فِيهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَ السُّنَّةَ لَهَا هُنَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الظُّهْرِ، وَهُوَ أَيْضًا قِيَاسٌ فَاسِدٌ، فَإِنَّ السُّنَّةَ مَا كَانَ ثَابِتًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، أَوْ سُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَتِنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ السُّنَنِ فِي مِثْلِ هَذَا بِالْقِيَاسِ؛

اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست