responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 407
لِأَنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ اللَّيَالِي، حَتَّى فَضَّلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَحُكِيَتْ رِوَايَةٌ عَنْ أحمد فَهِيَ فِي مَظِنَّةِ تَخْصِيصِهَا بِالْعِبَادَةِ، فَحَسَمَ الشَّارِعُ الذَّرِيعَةَ وَسَدَّهَا بِالنَّهْيِ عَنْ تَخْصِيصِهَا بِالْقِيَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا تَقُولُونَ فِي تَخْصِيصِ يَوْمٍ غَيْرِهِ بِالصِّيَامِ؟ قِيلَ: أَمَّا تَخْصِيصُ مَا خَصَّصَهُ الشَّارِعُ، كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ فَسُنَّةٌ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ غَيْرِهِ كَيَوْمِ السَّبْتِ وَالثَّلَاثَاءِ وَالْأَحَدِ وَالْأَرْبِعَاءِ فَمَكْرُوهٌ. وَمَا كَانَ مِنْهَا أَقْرَبَ إِلَى التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ لِتَخْصِيصِ أَيَّامِ أَعْيَادِهِمْ بِالتَّعْظِيمِ وَالصِّيَامِ فَأَشَدُّ كَرَاهَةً وَأَقْرَبُ إِلَى التَّحْرِيمِ.
الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ: إِنَّهُ يَوْمُ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَتَذْكِيرِهِمْ بِالْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِكُلِّ أُمَّةٍ فِي الْأُسْبُوعِ يَوْمًا يَتَفَرَّغُونَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ وَيَجْتَمِعُونَ فِيهِ لِتَذَكُّرِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَيَتَذَكَّرُونَ بِهِ اجْتِمَاعَهُمْ يَوْمَ الْجَمْعِ الْأَكْبَرِ قِيَامًا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَانَ أَحَقُّ الْأَيَّامِ بِهَذَا الْغَرَضِ الْمَطْلُوبِ الْيَوْمَ الَّذِي يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ الْخَلَائِقَ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فَادَّخَرَهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ لِفَضْلِهَا وَشَرَفِهَا، فَشَرَعَ اجْتِمَاعَهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِطَاعَتِهِ، وَقَدَّرَ اجْتِمَاعَهُمْ فِيهِ مَعَ الْأُمَمِ لِنَيْلِ كَرَامَتِهِ، فَهُوَ يَوْمُ الِاجْتِمَاعِ شَرْعًا فِي الدُّنْيَا، وَقَدَرًا فِي الْآخِرَةِ، وَفِي مِقْدَارِ انْتِصَافِهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ يَكُونُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَأَهْلُ النَّارِ فِي مَنَازِلِهِمْ، كَمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقِيلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي مَنَازِلِهِمْ وَأَهْلُ النَّارِ فِي مَنَازِلِهِمْ وَقَرَأَ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] ) [الْفُرْقَانِ: 24] وَقَرَأَ: (ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَتِهِ.
وَلِهَذَا كَوْنُ الْأَيَّامِ سَبْعَةً إِنَّمَا تَعْرِفُهُ الْأُمَمُ الَّتِي لَهَا كِتَابٌ، فَأَمَّا أُمَّةٌ لَا كِتَابَ لَهَا، فَلَا تَعْرِفُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ تَلَقَّاهُ مِنْهُمْ عَنْ أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا عَلَامَةٌ حِسِّيَّةٌ يُعْرَفُ بِهَا كَوْنُ الْأَيَّامِ سَبْعَةً، بِخِلَافِ الشَّهْرِ وَالسَّنَةِ وَفُصُولِهَا، وَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ،

اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 407
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست